نرمين المفتي
وجريدة «الصباح» تحتفل بذكرى تأسيسها، لا بد من القول إنها تمكنت من مواجهة التحديات، ففي وقت صدورها في ايار 2003، كانت عشرات الصحف اليومية تصدر في بغداد، عدا تلك التي صدرت في المحافظات. وكل صحيفة كانت تحاول ان تجذب القراء، ليس لقراءة الاخبار والتقارير والقصص، انما لتمرير أجندة صاحبها والجهة التي تمولها،
واستغلال الوضع الذي لم يكن واضحا والبلد تحت الاحتلال، أو للكسب المادي من خلال قصص مفبركة واخبار كاذبة، كتلك الصحيفة التي كانت تنشر في الأقل خبرين عن رواتب المتقاعدين، واتذكر حتى الآن أن موزعا قال لي بأنهم يبيعون النسخة الواحدة بمئتين وخمسين دينارا ويستنسخون الخبر الخاص بالمتقاعدين ليبيعوه بألف دينار!! وأعتقد انه مع نهاية سنة 2003 وصل عدد الصحف اليومية والأسبوعية إلى 120.. وبدأ القارئ العراقي الذي يعرف الغث من السمين يفرق بين صحيفة تحاول أن تكون قريبة منه من خلال أخبار صادقة أو لنقل فيها الكثير من المصداقية وأخرى تستغله أما عاطفيا أو ماديا.. لا أنكر أنها بالبداية، كانت تنشر تلك القصص المدفوعة الثمن التي تحيي جهود قوات الاحتلال، لكنها بمرور السنوات حاولت ان تمسك العصا من المنتصف، كما حاولت شبكة الاعلام العراقي، وأن تكون ناطقة باسم العراقيين كلهم، كما ينص قانون الشبكة.
ونجحت غالبا واخفقت احيانا. واذكر هنا، انها نشرت صورة عن لافتة كانت تنتشر في بغداد، إذا لم تخنِ الذاكرة في 2010، وكانت تعبر عن التنوع العراقي من خلال الأزياء على الخارطة العراقية، واذا لم تخنِ الذاكرة مرة أخرى، كان عنوانها (العراق) وكتبت حينها مقالا في جريدة (القلعة) الأسبوعية مقالا بعنوان (العراق الا شوية) منتقدة تجاهل التركمان باصرار في اللافتات المنتشرة وفي صورتها المنشورة في الصباح، واتصل بي رئيس تحريرها حينها، عبد الزهرة زكي (مع حفظ الألقاب)، معتذرا وبأن ما حدث ليس اصرارا من الجريدة على التجاهل، انما كانت الصورة اعلانا مدفوع الثمن لمنظمة لا يحضرني اسمها الآن.
تتقدم جريدة الصباح الآن، غالبية الصحف سواء من ناحية التصميم والصور أو من ناحية المواد، مواضيع وتناولا، وتتميز بالجرأة في طرح العديد من القضايا المهمة، ومن بينها الفساد ويتميز غالبية العاملين بها بمهنية واضحة.
ويتميز موقعها على الانترنت بانسيابية فتح صفحاتها بدون انقطاع أو بطء. وكان قسمها الخاص بصحف المحافظات، نشطا وهو يطبع صحفا أسبوعية باسم المحافظات وتغطي اخبارها ونشاطاتها وكانت من بينها صحيفتا (صباح كردستان وصباح كركوك) وكانت تصدر الاولى باللغة الكردية والثانية بالتركمانية، وهذه مناسبة لأطالب بتنشيط هذا القسم مرة أخرى لأهميتها في تمتين العلاقة بينها وبين القراء في المحافظات، وايصال صوت بغداد إلى جميع انحاء العراق.
وأشير إلى نقطة مهمة تفتقر اليها شبكة الاعلام العراقي وتستطيع جريدة «الصباح» تنفيذها، وهي ان تصدر صحيفة وان شهرية في البداية باللغة الانجليزية لأهمية إيصال الخبر العراقي إلى شبكات الاخبار غير العربية من مصادرها العراقية، وليس من خلال الترجمة التي قد لا تكون جيدة. واذ أهنئ جريدة «الصباح» وكادرها بهذه المناسبة، متمنية لها المزيد من التقدم والإصرار على قول الحق، لا أنسى الإشارة إلى دورها الكبير في التوعية، حين كانت الجهات المختصة تستعد لعمليات (قادمون يا نينوى 2016) واصدرت صحيفة خاصة بنينوى، وهي تحت احتلال الارهاب الظلامي وكانت توزع من خلال رميها من المروحيات، واحيي بجلال الشهداء من كادرها، سواء الصحفيين أو الفنيين والموظفين، وهي من اكثر الصحف العراقية التي منحت شهداء في طريق كلمة الحق.