فتيات يُعانين من تدخلات وضغوط مزعجة

ولد وبنت 2024/05/20
...

 بغداد؛ نوارة محمد 

قلة الذوق صفة يعاني منها المجمتع العربي عموما، لكن التطفل المريب يقع في مقدمته، فكثيرة هي المواقف التي تجمعنا بأناسٍ متطفلين، أناس يدارون فضولهم بالتظاهر بشيء من حب الاستطلاع أو الاهتمام، ولكنه لا يتعدى أنه نوع من استجداء معلوماتي شخصي لا داعي له!

أمل واحدة من اللواتي تتعرّض لمثل هذا النوع، كما تقول: منذ أن دخلت سن الواحدة والعشرين وعبارة متى سنفرح بك تلاحقني وتعتقد النساء الكبيرات إن بويضاتي ستنخفض وفرصتي في الامومة لدي ستنعدم، وغالبًا ما أجدهن يُقدمن النصح لي ولأمي عن كيفية فك عقدتي التي قد تكون سببًا في وقوفها بطريقي للعثور على شريك مناسب.

وتتابع: ولأن فريقا آخر يعتقد أنني جميلة فيحاولون النساء استيقافي في أماكن التسوق وسؤالي عن أصلي وفصلي وابنة من، وما هو عملي، وما اذا كنت متزوجة أم لا؟، وفي العادة لا يخجلن من إبداء الاقتراحات عليَّ وتقديم فرص لي للزواج من ابنها أو ابن أخيها الذي لا يملك امامه ولا خلفه، بالنسبة لي الأمر أصبح مزعجاً للغاية وكثيرات من بنات جيلي يواجهن المأساة ذاتها.

أما أسماء حسن، فترى أن الأمر لا يقف عند هذا الحد من الأسئلة، ففور ما تتزوج الفتاة في مجتماعتنا الشرقية حتى تدخل بدوامة جديدة أخرى، وهي (ماكو شي منا من) و (شوكت تفرحونا) لا أدري ما علاقتهم بالأمر وكيف سيفرحون إذا حملت أنا، فالأمر يتعلق بي وبزوجي لكن التطفّل يجعلنا أمام رحلة فضول جديدة، موضحة أنّ «هذا الصراع قد تكون تبعاته مخيفة وقد تترك آثارا سلبيَّة، فالعزباء والتي لم تُرزق بطفل بعد تجد نفسها أمام جحيم وضعها الآخرون فيه».

عموما نحن نتعرض لفضول الناس في أماكن العمل وفي علاقاتنا مع الأقارب والأصدقاء كما يقول ناجي محمد وهو يبتسم، إن «عبارات مثل (أي مرتاح)، (شكو عليك) بدأت تشكل لي قلقًا من هذا الصنف البشري، فبعض الأصدقاء بمجرد حصولي على وظيفة إضافية يطلق عليَّ هذا النوع من المزاج الثقيل، او أنه يعد نفسه واحداً من أفراد أسرتي ويسألني (شكد صار يطبلك بالشهر) وكأنني مُلزم بالرد على كل الأسئلة التي تدور بذهنه».

 من جهتها، تقول ريام الحسن إنّ «فضول النساء مدمّر وأنا أشفق عليهن لأن الزمن معهن لم يتغير». 

وتظن الحسن أنهن لا يزلن يعشن في القرون الوسطى وكثيرات بمجرد معرفتي السطحية بهنَّ لا تجد مشكلة في التعليق على طريقة وضعي للماكياج أو أنها تنصحني باتّباع طريقة مختلفة لتصفيف شعري أو أن عطري غير مناسب للنهار، أو من أين اشتريت هذا الفستان وهذا غير مقبول للغاية، كما تضيف «كثيرا ما أشعر أننا نفتقد للخصوصيَّة، فأنا غير مضطرة للرد على الجميع وكأنّنا ملزمون بالعيش بفوضويَّة».

في المقابل تشكو دعاء عبد من تطفل المندوبين والمروجين للعطور الذي ينتشرون في أصحاب المحال التجارية في (المولات)، وتقول «لا أحد يحترم الخصوصيَّة، وفي المولات لا بدَّ أن اخضع لاستجوابات سخيفة (ست يناسبك هذا العطر) أو (ممكن تجربين هذا الكريم) لست مضطرة للوقوف والأخذ والعطاء ونحن ملزمون بالرد عليهم إنسانيا إذ ليس من المنطقي أترك من ينادني من دون الاستماع له أو الاعتذار». 

وتتابع: لا أعرف ما هو الدافع الذي يجعل هؤلاء يتكلمون بأمور مختلفة من دون أي احترام للشخص المقابل. أنا أحب الهدوء بطبيعتي ولا رغبة لي بإجراء حوارات لا معنى لها مع غرباء.

وتضيف أن: الأمر لا يقتصر على النساء فقط، وإنما يتعدى ذلك الى الرجال الذين يواجهون أنواعًا عدة من الفضول فقد درجت العادة بين الشباب على إجراء الحديث في أي موضوع وفي أي مكان وأن الشباب منهم يتعرضون للفضول من أقرانهم فمجرد أن يبتسم الشخص أو يضحك ستجد من يقول لك «فرحنا معك». 

ويرى سالم أحمد أن الفضول بات سلوكًا عامًا وهو مضر وغريب، كما يقول إنَّ «البعض يريد معرفة بكم اشتريت سيارتي الجديدة، وكم دفعت وغالبًا ما يحاول مقارنة هذا النوع الذي أفضله مع أنواع أخرى، ويصبح من باب تقديم النصح خبيرا بالسيارات وعارفا لأصحاب معارض تجارة السيارات وغالبا ما يخبرني أنني نُصِبَ عليَّ فلو سعى لي بهذا الأمر لكنت قد حصلت على واحدة مثلها بنصف القيمة».