حادث رئيسي

الصفحة الاخيرة 2024/05/21
...

د. علاء هادي الحطاب

لا يزال يتذكر العراقيون وفاة الرئيس العراقي الاسبق عبد السلام عارف في حادث تحطم الطائرة المعروف في 13 أيار 1966، وكلما يأتي ذكر حادث مشابه تقفز إلى ذاكرتهم تلك " السالفة" سواء الذي عاصرها او قرأ عنها او سمع بها، ومن الطبيعي في هكذا حوادث تكون ضحيتها شخصيات عالية الاهمية والمسؤولية تجد تفسيرات متعددة لاسباب الحادث غير السبب الطبيعي المتمثل بسوء الاحوال الجوية او حدوث خلل فني.  الاعلان عن وفاة رئيس الجمهورية الإسلامية الايرانية السيد ابراهيم رئيسي يوم أمس بسقوط المروحية التي اقلته عبر منطقة وعرة تضاريسيا ووسط أحوال جوية بالغة السوء، الامر الذي أدى إلى تحطمها ووفاة رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد الأمير اللهيان مع مسؤولين آخرين، أعاد إلى الذاكرة حوادث مشابهة في عموم دول العالم، استدعى إلى الذهن بالضرورة سيناريوهات وفرضيات متعددة ومن زوايا وتوجهات مختلفة، وتبقى لنتائج التحقيق وكشف ملابسات الحادث القول الفصل في اسباب تلك الحادثة.  ابراهيم رئيس الساداتي والمعروف باسم ابراهيم رئيسي المتولد في الرابع عشر من ديسيمبر عام 1690، كان يُعد من أبرز الشخصيات الإيرانية بعد المرشد الاعلى السيد علي خامنئي، اذا شغل رئيس أرفع المناصب واهمها قبل أن يتولى منصب رئيس جمهورية بلاده، فهو القادم من مشهد المقدسة وامام جمعتها وامين عتبتها الرضوية المقدسة، والمتدرج في المناصب الحكومية الرفيعة من منصب نائب المدعي العام في طهران والمدعي العام وصولا إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، فضلا عن اشغاله منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، وازدادت اهمية رئيسي في السنوات الاخيرة بعد خروج شخصيات مهمة كالشيخ حسن روحاني والسيد محمد خاتمي - رؤساء ايران السابقين-  من عباءة المرشد الاعلى، وبعد تزايد حدة المواجهة السياسية بين طرفي التنافس والصراع في إيران التيار المحافظ والتيار الاصلاحي، حتى عُدَّ رئيسي خليفة للمرشد حال وفاته.  بعد الانتهاء من مراسم الدفن والعزاء ستبدأ إيران مرحلة جديدة بتسلم نائب الراحل رئيسي السلطة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية الاسلامية، حتما لن تمر الامور بسلاسة كبيرة، لكنها لن تكون معقدة، فإيران الدولة صاحبة عمق مؤسساتي كبير، لا تنهار  بغياب رئيس جمهورية، سيما مع وجود صاحب القرار والصلاحيات الأعلى في البلاد وهو المرشد الأعلى، وعندما نطالع أول تصريح له بعد ورود انباء فقدان مروحية الرئيس رئيسي خاطب السيد الخامنئي شعبه، مطالبا منهم عدم القلق فلن يكون هناك " خلل" بغياب الرئيس مع وجود المؤسسات.  دولة المؤسسات ضامنة للفرد أكثر من دولة الاشخاص، فالمؤسسات ثابتة وباقية والافراد متغيرون، لذا ستمر عملية التسلم  السلمي للسلطة بخطوات ثابتة حتى وأن واجهت بعض ردود أفعال المعارضين للنظام من الداخل والخارج، الذين سيستثمرون حتما هذا الحادث في ادائهم وسلوكهم المعارض من خلال تجمعات او خلق رأي عام وما شاكل ذلك، دون أن يتعدى دورهم إلى إيقاف عملية التحول السلمي في تسليم السلطة إلى الرئيس القادم المنتخب.