عبد الزهرة محمد الهنداوي
ذات يوم، أشرقت فيه شمس العراق، وتنفس الصباح بأمل مشرق..
في تلك الأيام، التي كان فيها العراق خارجا للتو من براثن دكتاتورية مقيتة، أيبست جذور الحياة، حتى بدت مثل صحراء قاحلة، اصفرّ فيها النبات، وفقد نضارته..
في تلك الايام، بدأت السماء تتزين بمصابيح جديدة، لم يعتدها العراقيون، مصابيح تنير ظلمة الحياة، وتهدي الناس إلى مسارات حياتية اكثر ألقا..
في تلك الايام، كانت الصحافة العراقية، كأنها تشهد ولادة جديدة، وبداية عهد جديد مختلف كليا عما كان عليه الحال، قبل بزوغ الفجر الجديد.
في تلك الايام، تزاحم المشهد بعدد غير قليل من الصحف، واقل منها كانت القنوات الفضائية، لأنها اكثر كلفةً من الصحف، كانت الجرائد بأشكال وألوان وأهواء وتوجهات مختلفة، لحد التناقض الحاد والتقاطع بينها، ولان الكثير منها لم يكن متوافرا على المتطلبات المهنية، إنما جاء بها أصحاب امتيازها، بحثا عن الشهرة والمال، مستفيدين من «السقوف العالية للحريات الصحفية التي بدأ العراق يعيشها، لذلك لم يصمد الكثير منها،فراحت تتوارى، من دون ان تترك اثرا في المشهد..
في تلك الايام، جاءني احد اصحاب (الفلوس الزينة) وطلب مني اصدار جريدة «زينة» حسب وصفه، قلت له وما هو الهدف منها؟ قال، ننشر فيها الأخبار القوية والاعلانات الدسمة!، انا لم اكذب خبرا، فقد اتصلت ببعض الزملاء، وبدأنا باصدار الصحيفة، وصدر منها نحو 20 عددا، بواقع عددين في الاسبوع، وفجأةً جاءنا الرجل ليخبرنا انه قرر غلق الجريدة، لاسباب مالية!، وهكذا بدأت سماء الصحافة العراقية تصفو رويدا رويدا، بعد ان احترقت جميع النيازك، لتبقى النجوم التي بها يهتدي الناس، وكان من بين الصحف، التي لفتت الانظار إلى وجودها، جريدة الصباح، وعدد قليل من الصحف..
ومنذ صدورها الاول، استمرت «الصباح» بالتوهج، وتعاقب على رئاسة تحريرها الكثير من الاسماء اللامعة، بدأها المرحوم اسماعيل زايد.
واجهت «الصباح» خلال سني عمرها العشرين، صعوبات شتى، ارتبطت بعوامل سياسية وامنية واقتصادية، ولكنها واصلت المسير، لانها احتضنت نخبة من الصحفيين والاداريين والفنيين المحترفين، الذين استطاعوا مواجهة تلك الصعوبات، لتصل اليوم إلى ما وصلت اليه من شكل ومضمون متميزين واصبحت تمثل قيمة فكرية وعلمية مهمة لقرائها، الذين يتابعونها، سواء كان المتابعون من رواد الصحافة الورقية، أو من الاجيال الالكترونية.
وبتقييمي المتواضع، أجد اليوم أن جريدة «الصباح» تقف في الصف الاول بين الصحافة العراقية، لما تحتويه من مواد صحفية تشبع نهم القاريء، في السياسة والاقتصاد والثقافة والفن والرياضة، ومختلف العلوم، والمرأة والطفل، فضلا عن اعطائها مساحة واسعة للرأي، من دون ان تضع اي حواجز في طريق اصحاب الرأي، ورأيي هذا ليس لأني من كُتّاب رأي الصباح، انما هذا مايقوله القرّاء.
وعلى الرغم من هذا التقدم الواضح وما يبذله الزملاء في جريدة «الصباح»، فان التطور السريع الذي يشهده العالم يتطلب المواكبة، لكل قفزة من قفزات التطور تلك، وقطعا ان هؤلاء الزملاء، ابتداءً من رئيس التحرير الزميل احمد عبدالحسين، وباقي افراد الاسرة المتميزين، اخذوا هذا الامر بعين الاعتبار، ويبذلون جهودا كبيرة لكي تبقى الصباح في المقدمة، عبر مواكبة التطور العالمي في عالم الصحافة، وما يتطلع اليه القراء..
تهاني مباركات لأسرة تحرير جريدة «الصباح» وهم يحتفلون بالعشرين الاولى من عمر «الصباح».