النفط: سنعيد تقييم الرقع المتبقية لطرحها مجدداً

اقتصادية 2024/05/22
...

  بغداد: حيدر فليح الربيعي 

و عماد الإمارة

 الناصرية: نجلاء الخالدي


شكلت جولتا التراخيص الأخيرة، الخامسة التكميلية والسادسة، والتي انتهت باستثمار 13 حقلاً ورقعة نفطية وغازية في ثماني محافظات من بين 29 كانت مطروحة للتنافس بين الشركات العالمية، نقلة نوعية في عمليات تعظيم وزيادة الإنتاج النفطي واستغلال الثروة الغازية، الأمر الذي قوبل بترحيب واسع من قبل المختصين، الذين طالبوا بضرورة مضاعفة الجهود لإحالة أكبر قدر ممكن من الرقع والحقول الجديدة، مشددين في الوقت ذاته على أهمية إشراك "الجهد الوطني" في عمليات الاستثمار المباشر لتلك الرقع والحقول.

وبحسب وزارة النفط، خلال تصريح لـ"الصباح" فإن مجموع ما تم طرحه من مواقع جديدة، كان بمقدوره تعزيز إنتاج العراق النفطي بواقع مليوني برميل وأكثر من ثلاثة ملايين قدم مكعب قياسي من الغاز في اليوم، مؤكدة أن ماتبقى من المشاريع التي لم تتم إحالتها والبالغة 16 رقعة وحقل، ستتم إعادة تقييمها ومن ثم طرحها مجدداً في الجولات القادمة.

وفي مؤشر مهم يؤكد عزم الحكومة على النهوض بواقع الإنتاج والصناعة النفطية في البلاد، كشف مكتب رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، عن أن هاتين الجولتين يمكن من خلالهما الحصول على أكثر من (3459) مليون قدم مكعب قياسي يومياً من الغاز، وأكثر من مليون برميل من النفط باليوم، في حين يرى وزير النفط، حيان عبد الغني، خلال مؤتمر صحفي عقده بعد ختام فعاليات جولتي التراخيص، وحضرته "الصباح" أن إجمالي الإحالات البالغ 13 إحالة لرقعة وحقل، يمثل خطوة جيدة جداً بالنسبة لوزارة النفط، في حين كشف الوزير، خلال كلمته في افتتاح فعاليات إطلاق جولتي التراخيص عن أن "الاحتياطي العراقي من البترول يمكن أن يرتفع مستقبلاً ليبلغ أكثر من 160 مليار برميل، وهو الرقم الذي يرى مختصون ضرورة أن تعزز وزارة النفط جهودها في طرح مزيد من الرقع والحقول الجديدة للاستكشاف والتطوير بهدف استغلال تلك الثروة بالشكل الأمثل" .

وسط ذلك، أعلن مدير شركة نفط ذي قار لـ"الصباح" عن أن المكامن الرئيسة لحقل "سومر" الذي فازت باستثماره شركة "سينوبك" الصينية والذي يمتد في محافظة المثنى تقع في مناطق نهر عمر والزبير 

واليمامة والنجمة.

الناطق الإعلامي لوزارة النفط، عاصم جهاد، أشار خلال حديثه لـ"الصباح" إلى أن "جولتي التراخيص الأخيرة شملت التراكيز الهايدروكاربونية الغازية والتي تمثل تعظيماً للاحتياطي النفطي والغازي، مبيناً أن استثمار النفط يمثل عاملاً مهماً لجذب الشركات العالمية، وفي ذات الوقت داعم للقطاع الخاص ويوفر فرص عمل للعاطلين ويعزز من نسب التنمية" .

وذكر جهاد أن جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة التي ضمت 29 حقلاً ورقعة استكشافية في 12 محافظة، انتهت بإحالة 13 مشروعاً  لحقل ورقعة في 8 محافظات إلى الشركات المتنافسة، وستتم لاحقاً إعادة تقييم الحقول الـ 16 التي لم تحال ومن ثم طرحها في الجولات القادمة، مشيراً إلى أن هدف الوزارة من هذه الجولات هو تعظيم الاحتياطي والإنتاجي للنفط والغاز، وأن التركيز في الجولات الأخيرة كان على تطوير التراكيز الهايدروكاربونية الغازية" .

وبين الناطق الإعلامي، أن الجولات الأخيرة كان بمقدورها مضاعفة الإنتاج الوطني من النفط والغاز بواقع مليون برميل وبحدود ثلاثة ملايين مقمق يومياً في حال استثمار كامل تلك الرقع والحقول البالغة 29 مشروعاً، مؤكداً أن الاستثمار في القطاع النفطي جاذب للشركات من مختلف الجنسيات لتطوير الحقول النفطية والغازية، وأن تلك الجولات ستؤدي إلى تحقيق انعكاسات إيجابية على الواقع الاقتصادي والخدمي للمحافظات بما يُسهم في التنمية الاقتصادية ويدعم القطاع الخاص ويوفر فرص عمل للعاطلين ويطور البنى التحتية ويدعم المقاول الثانوي، بالإضافة إلى تحقيق الأهداف الحكومية المتمثلة في زيادة الاستثمار والإنتاج من الحقول والمشاريع النفطية والغازية" .

وتابع جهاد أن وزارة النفط تعمل على تعظيم الاحتياطي النفطي المؤكد إلى 160 مليار برميل من النفط، وبالتأكيد هذا الوضع سيعزز من موقع العراق في السوق النفطية ويدعم الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة، مؤكداً أن تنامي معدلات الاحتياطي النفطي يأتي بعد زيادة النشاط الاستكشافي والجيوفيزيائي والفرق الزلزالية والمسوحات.

وعلى الرغم من الإقبال الكبير للشركات العالمية على الاستثمار في الحقول والرقع الاستكشافية التي طرحها العراق، بيد أن الخبير النفطي، الدكتور المهندس، إحسان إبراهيم العطار، دعا خلال حديثه لـ"الصباح" إلى ضرورة إشراك "الجهد الوطني" في تلك الجولات، ذلك لما تمتلكه الشركات الوطنية من خبرات متراكمة عالية، وإمكانيات تؤهلها لمنافسة الشركات العالمية، ذاكراً في ذلك المجال تجربة تطوير أحد أكبر الحقول النفطية في العراق "حقل مجنون النفطي" في محافظة البصرة في بداية العام 1980 والذي تم حينذاك تكليف شركة المشاريع النفطية  باعتبارها الذراع والجهة المنفذة حصرياً لكافة المشاريع والمنشآت التابعة لوزارة النفط آنذاك.

وحدد الخبير العطار، جملة إيجابيات يمكن أن تحققها جولات التراخيص، والتي تضمنت أها "أعادت للقطاع النفطي العراقي جزءاً من شبابه بعد ثلاث حروب مهلكة وثماني سنين من الحصار الظالم التي تسببت في تقادم الآبار النفطية واستنزافها الشديد وضعف أوغياب الصيانة الدورية المطلوبة وفق السياقات المعتمدة في صناعة النفط العالمية، فضلاً عن توفير تلك الجولات وبشكل سريع الحد الأدنى المطلوب من الموارد المالية التي يعتمد عليها أحادياً الاقتصاد الوطني العراقي" .

ورغم تعدد إيجابيات جولات التراخيص، فإن العطار يرى في ذات الوقت وجود سلبيات رافقت تلك الجولات، واضعاً في مقدمة تلك السلبيات أنها أبرمت على عجالة، حيث شهدت الجولة الأولى إبرام أربعة عقود لحقول مهمة مرة واحدة  دون انتظار لمعرقة خفايا مثل هذه العقود، وكان ينبغي الانتظار بدلاً من طلب التعديلات على شروط العاقد، فضلاً عن أن تلك الجولات اقتصرت على النفط الخام وسمحت للمقاول بحرق الغاز مسببة للجانب العراقي خسارة مالية كبيرة وتلوثاً للبيئة ومخاطر صحية للتجمعات السكانية في مناطق هذه الحقول.

كما يرى العطار، أن "أجور الربحية للمقاولين عن كل برميل مستخرج خلال جولات التراخيص السابقة، هو مبلغ مقطوع وليس نسبة مؤية من سعر بيع البرميل المعلن، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة الجانب العراقي عند انخفاض الأسعار.

وكان المتخصص بالشأن النفطي، المهندس مناضل الرماحي، قد أفاد لـ"الصباح" في وقت سابق، بأن جولة التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، التي شهدت طرح 29 مشروعاً في جميع المحافظات، حملت ميزات عديدة أبرزها التنوع بين المحافظات، وأن "الغرض من هذه الجولات بالدرجة الأساس يأتي لتقليل الكميات المحروقة من الغاز المنبعث، والعمل على استثماره بالشكل الأمثل ومنع هدره عبر إنشاء منشآت سطحية متمثلة في محطات العزل وكبس الغاز، ومن ثم إنشاء المجمعات 

الخاصة بتصنيع الغاز" .

كما لفت المهندس الرماحي، إلى أن هذه الخطوة تمثل سياسة ناجحة والتفاتة ثمينة من قبل القائمين على الشأن النفطي في البلاد، مؤكداً أن ذلك الأمر سيجعل العراق من البلدان المهمة في إنتاج النفط وصناعة الغاز، فضلاً عن إيجابية الأمر في تقليل الملوثات التي يتسبب بها حرق الغاز المصاحب وتأثيرات ذلك في البيئة بشكل خطير.

في غضون ذلك، أعلنت شركة نفط ذي قار عن ، فوز شركة "سينوبك" الصينية بترخيص استثمار حقل سومر  النفطي الممتمد في محافظة المثنى بجولة التراخيص الخامسة والسادسة.

ويمتد حقل سومر النفطي ضمن الرقعة الممتمدة بين محافظتي ذي قار والمثنى والبالغة مساحتها 1773 كم مربع .

وقال مدير شركة ذي قار علي خضير لـ "الصباح": إن المكامن الرئيسة للحقل تقع في مناطق نهر عمر والزبير واليمامة والنجمة. 

وأشار إلى أن نتائج  إجراء المسح الزلزالي ثنائي الأبعاد في الحقل كشفت عن وجود 3 تراكيب ودالات فيه.

وبين اأن الشركة ستباشر خلال المدة القليلة المقبلة حفر أول آبارها، إذ لم يسبق أن حفرت آبار في هذا الحقل الواعد.