العراق واتفاقيَّة القضاء على التمييز العنصري

آراء 2024/05/26
...

 وليد خالد الزيدي


حينما نريد الخوض في موضوع المساواة والعدل، بين أبناء النوع الانساني لامناص من التطرق إلى اقدم الوثائق التاريخية، التي اكدت ضرورة تجسيد العدالة بشكلها الحقيقي الملموس واقعا وهنا ينزاح بنا الحديث حتما، ومن دون أدنى شك إلى إحدى المدونات الخالدة، التي تصدى لها التاريخ العربي الاسلامي في عهوده الاولى التي شهدت اخطر الازمات والمساعي المحمومة لأبعاد مضامينه الانسانية، التي تحلى بها وهو دين سماحة ورقي، حيث تمثلت بمقولة بل وصية الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) إبان خلافته، وهو يخاطب الصحابي مالك الاشتر عندما ولاه على مصر قائلا له (الناس صنفان إن لم يكن لك أخ في الدين فهو نظير لك في الخلق) فكانت حتى يومنا هذا ترن في أسماع الدنيا وتتناقلها الأجيال عبر آلاف السنين، حيث كان مجتمع أرض الكنانة متنوع الاجناس والاديان والألون، أراد منها الامام وهو ولي أمرالمسلمين قائد دولة الاسلام المترامية الأطراف أن تكون خيمة تعايش وتصالح وتسامح تحقق مضامين الحكم الرشيد في رفع الظلم والمساواة بين الناس كما قال تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). وحتى يومنا هذا اعتمدت الامم المتحدة تلك المقولة الخالدة شعارا رئيسيا يزين واجتها لتدرك شعوب الأرض وحدانية الخلق، فبعد مرور قرابة ألف وأربعمئة عام يرى العالم ميثاق يقوم على مبدأي الكرامة والمساواة الإنسانيتين، يصلحان لكل دول المنظمة الدولية التي تعهدت باجراءات جماعية وفردية بغية إدراك أبرز مقاصدها لتعزيز وتشجيع مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية جميعها دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

وهنا لابد من التأشير إلى أن الأمم المتحدة شجبت الاستعمار وحملات الغزو وجميع ممارسات العزل والتمييز المقترنة به وقد وجدت، أن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة عام (1960) هو احد متطلبات الحق الانساني لكل الشعوب، لتعيش بكرامة وحرية لاسيما حينما كانت الدول الكبرى تنظر إلى افراد الشعوب المستضعفة كدرجات دنيا ومن زاوية ضيقة بعيدة عن النظرة الواقعية، التي انبثقت من أجلها المنطمة الدولية ومن خلال جمعيتها العمومية، التي أعلنت رسميا ضرورة وضع حد لتلك النظرة بسرعة وبدون قيد أو شرط وارتأت أن إعلان الأمم المحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، الذي أصدرته يقضي بشكل تام وسريع علي التمييزفي جميع أنحاء العالم بكافة أشكاله ومظاهره وضرورة تأمين وفهم الكرامة الإنسانية واحترامها، إيمانا منها بأن أي مذهب للتفوق القائم علي التفرقة العنصرية هومذهب خاطئ علميا ومشجوب أدبيا وظالم وخطر اجتماعي لامبرر نظريا أو عمليا له في أي مكان وكل زمان، الأمر الذي تناغم معه العراق حاليا، ومن خلال وزارة العدل، التي ناقشت مؤخرا التقريرالخاص باتفاقية القضاء على التمييز العنصري ومناقشة تقرير اللجنة الوطنية لكتابة التقاريرالدولية لرفع رأي العراق الخاص بتلك الاتفاقية وتشكيل الوفد الحكومي، لبحث هذه التقارير مع اللجنة الدولية المختصة في اجتماعها المقبل والوثيقة الأساسية الموحدة لبلدنا بما فيها الإحصاءات والمعلومات الواردة فيها.