عطلة العيد

ثقافة 2019/06/09
...

  حميد المختار 
 

وانت تنهي شهر الصيام المبارك بعد ان فعل بك افاعيله في تغيير كل برامجك اليومية في مواعيد الاكل والنوم والعادات اليومية واللقاءات مع الأصدقاء والعمل، يأتيك العيد وانت فرح بدخولك حالة جديدة تعيد فيها لياقاتك الروحية والجسدية لتحقق خطوة كثيرا ماتأخرت عن تحقيقها، لكن ايام العيد بكسلها وعزلتها احيانا تبقى ضاجة بالزيارات العائلية وفوضى وصخب الأطفال الذين يهجمون عليك هجمة رجل واحد ويحطمون كل شيء لديك، فهم الأحفاد الذين يحبون خلوة جدهم في مكتبته او وهو امام التلفاز يتابع فيلما او اخبارا، مشكلة الضيوف الأطفال مشكلة مزمنة سأظل اعاني منها، اهرب منهم إلى الطابق الثاني محتميا بمكتبتي التي كثيرا ماتأويني في اوقات الضيق والشدة والازمات وتوفر لي ملاذا آمنا ووحدة هادئة ممتلئة بالمتعة والتجلي، لكنهم وكأي عصابة شرسة يقتحمون كل المغاليق لأنهم يمتلكون مفاتيحهم السحرية التي لن يستطيع احد اكتشافها، فهم قادرون بضحكة واحدة منهم ان يبعثوا لك برسائل اطمئنان وحين تأمن تلك الابتسامة وتغض النظر عن تحركاتهم يبدأ الهجوم، ومن خسائر هجوم الليلة الماضية كسر نظارتي التي تعينني على القراءة وفقدان رواية وديوان شعر مترجم، حتى هذه اللحظة لم اعثر عليهما ولا ادري ماالذي اعجبهم بهذين الكتابين وهم اصلا لم يصلوا بعد إلى مرحلة القراءة والكتابة، لكنهم علموا بحدسهم الطفولي ومشاكساتهم ان هذين الكتابين عزيزان علي فحاولوا اخفاءهما عن ناظري الكليلين، على اية حال علينا أن نحتمل هؤلاء الأطفال ونعتبر غزواتهم ومضايقاتهم ضمن طقوس العيد التي لابد أن نعيشها بكل دقائقها وان لا نتضايق منها وان نسجلها في الذاكرة لأننا كنا ذات يوم هكذا في مراحل طفولاتنا القديمة، حين نضايق أهلنا ونستيقظ ايام شهر رمضان في اوقات السحور ونهجم على موائدهم المتقشفة والبسيطة، وايام العيد نضايقهم ونلح عليهم في شراء الملابس الجديدة والخروج الى دواليب الهواء والأسواق والباب الشرقي والحدائق والمتنزهات، لكنها بالتأكيد رحلات وطلبات بريئة وبسيطة مقارنة بهذه الايام التي صار كل شيء فيها مكلفا ليس بالمال فقط وإنما بالمزاج الحاد والعزلة وتحمل هذه النزق الطفولي الذي لايطاق احيانا.