لماذا الغش في الامتحان؟

آراء 2024/05/26
...







 ابراهيم سبتي


تشكل ظاهرة الغش في الامتحانات، من أسوأ الظواهر التي تمس هيبة العملية التعليمية والاخلاقية والشخصية.

وهي حالة سلبية وآفة ظلت تُكافح على مرّ الزمن ومهما بلغت من تنوع في الاساليب والطرق. وأغلب الأسباب في اعتقادي بان الطالب الغشاش يعاني حالة من الارتباك والقلق والخوف من الامتحان وخشية الفشل أمام زملائه وعائلته ومدرسته.

اضافة إلى ضعف ثقته بنفسه، فكلما يبذل جهدا في التحضير والقراءة للامتحان، يعتقد بان الاخرين افضل منه بكثير مهما فعل وأنه أقل شأناً منهم. فيلجأ إلى الغش لاختصار الزمن والحصول على درجة تضمن له النجاح غير المستحق وغير المشروع ويصل إلى امنيته بالتساوي مع اقرانه كما يتصور وهو خاطئ طبعا بفعلته هذه. لقد قام بعمله هذا بفعل مشين ومستهجن، لكنه ربما يتفاخر امام زملائه ويتباهى بأنه استطاع أن يمرر غشه دون اكتشافه، وأنه لا يعلم بارتكابه اكبر خيانة لتربيته ولأسرته ولنفسه ولمدرسيه ولأخلاقه ولمجتمعه. إن الطالب الذي يلجأ لحالة الغش، مؤكد انه بحاجة لمراقبة أبوية مشددة وهي الأهم عن طريق معرفة طرق تربيته وعدم تركه يتصرف لوحده كيفما يشاء وهذه أول الطرق في التربية الصحيحة، ومن ثم تأتي المدرسة في المرتبة الثانية لتمنحه العلم والتربية المكملة ومن ثم المجتمع. ان ظاهرة الغش هي ظاهرة يُغذيها من يريد ان يتجاوز الطرق التعليمية والتربوية الصحيحة إلى طرق سلبية، لا يمكن ان تصنف الا كحالة مرفوضة. والمعروف ان اللجوء إلى الغش لا يقدم عليه اي طالب، بل ذلك الذي يشعر بالخوف والقلق وانه حتما ضعيف الشخصية، لأنه لا يستطيع أن يرسم هدف النجاح امامه مثل زملائه. و لو تعمقنا في شخصيته سنجد أنه يخاف من الفشل في الامتحان، وبالتالي الرسوب ويمكن أن يُعيد سنة دراسية كاملة نتيجة رسوبه، فخوفه من حصول ذلك يلجأ إلى الغش، الذي في نظره انقاذ له وتغطية لفشله على مدار العام الدراسي. إن الرعاية الابوية تكمن في تصوير حالة الغش بانها حالة مزرية مشينة وزرع الثقة بنفس الطالب، عن طريق بيان الحالات الصحيحة من الحالات السلبية المعيبة المنبوذة.

ولا يمكن ان نلقي اللوم كله على المدرسة لوحدها في تربية الطالب، فالعائلة هي الركيزة في ميزان التربية والاخلاق مما يُسهّل من دور المدرسة في القيام بواجباتها الاخرى.. ان التعاطي مع عملية الغش وخاصة بعد التطور التقني في هذه الصفة الذميمة، تحتاج إلى رقابة شديدة داخل القاعة الإمتحانية من قبل التربوي المراقب وان امكن وضع جهاز يُفشل ما يحمله الطالب الغشاش. ولو انها ما زالت محدودة الاستخدام ونأمل ان لا تصبح ظاهرة بفعل تشديد الرقابة التربوية للأستاذ الذي مهمته ليست العثور على الغش حسب، بل عدم وقوعه داخل القاعة اصلا.. ان التربية الحديثة هي تربية درس وعلم ومستقبل وثقة بالنفس، ومحورها هو المعلم بالدرجة الاساس ومن ثم المدرسة لكن قبل ذلك تكمن اهمية العائلة والاسرة التي تعتبر الانطلاقة الاولى للحياة خارج المنزل. فالشروع ببناء مستقبل واعد تأتي من الوالدين وبعدها تأتي قابلية الطالب وموهبته ومدى تقبله للدرس، ثم المكملات الأخرى مثل المنهج والمعلم والمدرسة والتي باتت تعتبر هي الأولى في الترتيب العلمي والحث على تقوية التحصيل الدراسي والتفوق. فالغش ظاهرة لا يساندها إلا من كان ضعيفا وكسولا ولا يعرف أهمية ومعنى النجاح الحقيقي. وهي أولاً واخيرا ظاهرة مرفوضة اخلاقياً وغير مشروعة مهما كانت حالة الغشاش الذي يمارسها. وبودنا أن نرى طلابنا جميعاً وقد جلسوا في قاعة الامتحان، وهم يعكسون مسؤوليتهم تجاه مستقبلهم بكل ثقة ومعرفة، وتجاه من ينتظرهم بشوق في البيت  والمدرسة.