اتجاهات التأزم الإيراني الأمريكي

آراء 2019/06/09
...

سعد العبيدي 
 
ان للصراع الأمريكي الإيراني الذي زادت حدته في هذا العام ٢٠١٩ وجهين، أو ذراعين، الأول عسكري ينحو في اطاره الامريكان منحى الاستخدام المنظم للقوة العسكرية (الحرب) حتى اجبار الخصم (ايران) على الرضوخ الى الإرادة وتنفيذ ما معلن من شروط وما يستجد من أخرى تبعاً لنسب التدمير.
والثاني اقتصادي ينحو منحى الحصار الذي تسعى فيه أمريكا بشكل منظم ومقصود لاستخدام قدراتها الاقتصادية وعلاقاتها الدولية للتحكم في التجارة والمال بغية تدمير الاقتصاد الإيراني والعملة الإيرانية الى مستوى الخنق الذي يلزمها(أي إيران) الى تنفيذ ما معلن من الشروط الكافية للتأثير على الإرادة وتغيير مسار السياسة الإيرانية داخلياً وفي عموم المنطقة خارجياً.  
هذا ومن خلال المعلن في عالم السياسة والحرب يتبين أن المنحى الأول قد وصل في مجاله الأمريكان الى النهاية، إذ أكملوا على وجه التقريب حشدهم العسكري الكافي لإدارة حرب مع ايران التي ستكون وحيدة في جبهتها، ثم توقفوا عن التصعيد أو بالمعنى الأدق بدأوا لهجة قوامها تهدئة المخاوف، ليست مخاوف ايران التي يريدون استنزاف قدراتها العصبية، بل مخاوف العالم خاصة الكبار من هذا العالم مثل روسيا والصين واليابان، الذين لا يريدون حرباً تترك فراغات وتخل بالتوازنات التي يمكن أن تحدث اضطرابات وحروب جانبية تمتد الى مناطق أخرى من العالم. لكن المنحى الثاني للصراع، الذراع الاقتصادي، لم يهدأ، بل وعلى العكس من هذا، بدأ متصاعداً دونما ضجيج، اذ استهدفت وزارة الخزانة الامريكية أخيراً قطاع البتروكيمياويات الإيرانية هذه المرة. استهداف سوف لن يكون الأخيرة في سلسة الإستهدافات، فسياسة الامريكان في هذا المجال هو التصعيد التدريجي، اذ يتخذون قراراً في توسيع رقعة الحصار، ينتظرون حتى استيعاب العالم له عاملاً مضافاً، لينتقلوا الى آخر يزيدون فيه العيار. يراقبون الأثر وردود الفعل في المجتمع الدولي العام والإيراني الخاص، لينتقلوا الى عيار آخر يضعونه في كفة الصراع مع الخصم، ايران التي فهمت اللعبة جيداً وتحركت من جانبها في ثلاث دوائر(محلية وإقليمية ودولية) بخطى متناسقة ساعية في حركتها إطالة أمد التحمل والحفاظ جهد الإمكان على القدرات، وقد نجحت بعض الشيء حتى هذه اللحظة، لكنه نجاحاً مؤقتاً في الغالب، فخصمهم الأمريكي يقف على أرض صلبة، وهو وان اقتطع من ميزانيته تخصيصات لإكمال الحشد العسكري الضاغط، لكنه قد أضاف مبيعات أسلحة ومعدات للمنطقة تعوض هذه الخسارة، وتضيف أرباحاً جديدة تنعش الاقتصاد الأمريكي الغني بالأصل.من هذا يمكن القول أن الأمريكان سيبتعدونعلى الأرجح عن خيار الحرب، الذي سيخفف من القلق الدولي نسبياً، وسيتجهونصوب التركيز على خيار الاقتصاد في خطوات متزايدة تكون في سياقاتها ايران وعلى الرغم من مرونتها وكفاءة دبلوماسيتها بمواجهة خيار قاسٍ، ليس من السهل أن تخرج منه دونما آثار مرهقة.