الطلاق.. قرار للآباء ضحيته الأبناء

آراء 2024/05/30
...

 د. رؤى علي الدرويش


الطلاق اليوم وضمن بيانات رسمية أصبح ظاهرة اجتماعية تتصاعد خطوط بيناتها، مما يشكل موضوعاً ينبغي البحث في جوانبه العامة، دون سرد اسبابه التي قد تتركز على جوانب فردية، عائلية أو مجتمعية. اذن هو نتيجة لمتراكمات عدة خلقت مشاعر سلبية متنافرة، تصل أحيانا إلى ضرورة الانفصال طلباً للاستقرار والابتعاد عن تبعيات أو تطورات الاقدام على التعذيب أو الفعل الاجرامي. كما ينبغي علينا أن نفهم أن المشاعر السلبية التي يحملها الوالدان تجاه بعضهما بعد الانفصال، ليست بالضرورة هي ذاتها يحملها الاطفال تجاههما. مع عدم الاستهانة بالمتغيرات التي تحدث عقب الطلاق ومؤثراتها على العلاقات العائلية والاطفال بشكل خاص، فان الطلاق قد يكون هو الحل الأنسب في بعض الاحيان لتقليل من حدة الصراعات والخلافات اليومية المتكررة بين الازواج واثارها النفسية على الاطفال وما تسببه لهم من عقد نفسية قد تشكل لهم عائقاً امام علاقاتهم بالمجتمع وتعاملاتهم العامة، بسبب افتقارهم للمهارات الاجتماعية وقلة الثقة والطمأنينة للطرف الآخر، إلا أنه قد يكون صدمة يمكن التعافي منها مع مرور الزمن باقل قدر من الخسائر. وبما اننا نستعرض نتائج الطلاق على الأطفال و صعوبة التواصل اليومي معهما، لا بد ان ندرج بعضًا من البحوث المتخصصة في الاثار المترتبة على الأطفال باختلاف مراحلهم العمرية. حيث يعاني الأطفال من عمر الثانية وحتى مرحلة ما قبل المدرسة من اضطرابات النوم وطبيعة التعلق بالآخرين وقلق الانفصال، أو تظهر لديهم سلوكيات نشزة لا تتماثل مع اقرانهم. اما الأطفال في عمر المدرسة يظهر عليهم الشعور بالذنب ولوم الذات، وقد يتوهم البعض فيهم أنهم السبب في الطلاق، بسبب خطأ ارتكبوه أو سوء سلوك قد بدر منهم. ويميل الأطفال الأكبر سِنًّا للتعبير عن مشاعر الغضب وتوجيه اللوم إلى أحد الطرفين أو كليهما. وقد يلجأ لمعاقبة نفسه من خلال إهمال دروسه وتراجع مستوى تحصيله الدراسي أو من خلال الامتناع عن تناول الطعام، إضافة إلى افتعال الكثير من المشكلات السلوكية سواء داخل البيت أو المدرسة لتتم معاقبته. و في عمر المراهقة فقد تتراوح التأثيرات السلبية بين الاكتئاب الحاد والسلوكيات العدوانية والأفكار الانتحارية. و هنالك بعضًا من السلوكيات الخاطئة تربوياً يتبعها الاباء مع الابناء بعد الطلاق تتلخص بما يلي:

1 - تحميل الأبناء مسؤوليات البالغين.

2 - التقليل من قيمة و شأن أحد الوالدين.

3 - التنافس لنيل محبة الطفل.

4 - تخريب علاقة الطفل بأحد الوالدين.

5 - تجميل سلوك الطفل، عندما يبين احد الوالدين أن سلوك ابنه أفضل لديه مما هو عند الطرف الآخر.

6 - استخدام الطفل للتجسس على الآخر.

7 - رفض التعاون معا، فكل طرف يكون معبأً بمشاعر الغضب، التي تعميه عن مصلحة ابنه، حيث يرفض التعاون مع الطرف الاخر لحل المشكلات. وبعد هذا التبيان لاهم الاثار السلبية، لا بد من وضع بعض النقاط الواجب تباعها لنشأتهم وفق معايير السلامة التربوية:

1 - ضرورة ان يضع الوالدان خطة إيجابية بعيدة تماماً عن خلافاتهم لمراعاة حقوق الأبناء.

2 -الابتعاد عن عرض مساوئ الاخر عند احتضان الاطفال، والايماء لهم ان الطلاق هو نتيجة طبيعية لعقد يصعب حلها.

3 - اتفاق الاباء على تنظيم رؤية واصطحاب الاولاد في الأيام الاعتيادية، والعطلات الرسمية وإجازات المدارس وتأمين حق الأبناء في رؤية كلا الطرفين بعقلانية لصالح الأطفال.

4 -العمل على وضع ارشادات سلوكية متعلقة بتربية الأبناء لخلق شعور بالتوافق في حياتهم بغض النظر مع أي من الأبوين يعيشون

5 -العمل على خلق اجواء عائلية لهم سواء في عائلة الاب أو الام واشراك الاجداد في ملء الفراغات العاطفية في حياتهم.

6 -ضرورة التعرف على مشاكلهم بما يساعد على وضع حلول ناجحة بما ينسجم مع تربيتهم وتقويم سلوكهم.

واخيرا فإن ديننا الاسلامي وضع عقبة للاطلاق عندما حدده عبر الحديث القدسي ( إن أبغض الحلال عند الله الطلاق )

فإن ما يراه الوالدان من أن الطلاق قد يكون مصدر راحة نفسية لكليهما، قد يكون مصدر ألم وقلق وخوف لأبنائهم.