معًا لمحاربة الإرهاب الصامت

آراء 2024/06/02
...

  محمد خضير

تشكل الاحصائيات الرسمية المعلنة عن ضحايا المخدرات في العالم هاجسا مرعبا، ازاء هذا الارهاب الصامت، الذي يهدد الفرد والمجتمع والاسرة اجتماعيا وماديا وثقافيا وصحيا وحتى امنيا.
اليوم العالم بأسره مطالب بمكافحة المخدرات عبر تكاتف جميع الجهود الاممية والفعاليات السياسية والصحية والمجتمعية والاعلامية لزيادة الوعي بالمشكلة الرئيسة، التي تمثلها المخدرات غير المشروعة في المجتمع والتعريف بمخاطرها وايجاد وتعزيز الحلول المتاحة لمعالجتها جذريا وتحقيق الهدف الأسمى بوجود مجتمع خال من هذه الآفة المميتة.
وللاسف الشديد فان مجتمعنا العراقي المعروف بتقاليده واعرافه القيمة، ابتلى بهذا الارهاب ما يتطلب مناقشة حيثياته وايجاد السبل الكفيلة لمواجهته.
لكن ما يؤخذ على قانون مكافحة المخدرات في العراق، الذي جرى تحديثه عام 2017، أنه ضم ثغرات تحول العقوبة من سجن مؤبد إلى 5 سنوات للمتاجرين.
إن هذه العقوبة لا توازي الجريمة التي تعد ثاني أخطر جريمة في العالم، على عكس القوانين النافذة في الدول الاخرى والتي تفرض ان يُعامل المتعاطي والمتاجر كمرتكب جناية لا جنحه ويحاكم عليها بأشد العقوبات.
والجميع يستحضر توصيات اللجنة الحكومية التي تم تكليفها بالتنسيق مع لجنة برلمانية مؤقتة تتولى إعداد مقترح قانون تعديل قانون المخدرات والمؤثرات والتنسيق مع مجلس القضاء بإعادة النظر بتوصيف جرائم المخدرات، وتشديد عقوبة المتاجرة فيها إلى الإعدام.
حينها أوصت اللجنة الحكومية بإجراء فحص دوري لموظفي الدولة والأجهزة الأمنية وطلبة الجامعات للتأكد من سلامتهم.
كما أوصت بإعادة تنظيم لجان الفحص والحفظ والإتلاف للمواد المخدرات وإنشاء جهاز إداري مستقل يرتبط برئيس الوزراء يختص بمكافحة المخدرات، فضلا عن تخصيص مبالغ مالية في الموازنة لتوفير أجهزة ومعدات فنية إلى مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية.
الخطوات تطلبت رفد المديرية بالمختصين في مجال علم النفس المشهود لهم بالسمعة الحسنة، ودعم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتمكينها في إنشاء مراكز لتأهيل المدمنين على المخدرات والمؤثرات العقلية.
كما استدعت المهمة إنشاء سجون ومراكز احتجاز عقابية خاصة لمتعاطي المخدرات، وتوفير الدعم اللازم لوزارة الصحة لإنشاء وحدات علاجية نفسية واجتماعية لمعالجة المتعاطين والمدمنين، إلى جانب توفير معدات الطبية والمختبرية الخاصة بفحص المتعاطين.
الامر لم يقف عند هذا الحد، حيث تضمنت التوصيات تشديد رقابة وزارة الصحة بالتعاون مع نقابة الصيادلة في السيطرة على صرف أدوية المؤثرات العقلية في الصيدليات، ومراقبة استخدامها غير الطبي، وتشديد الرقابة على المعابر الحدودية غير الرسمية المنتشرة مع دول الجوار، للحيلولة دون دخول هذه السموم الفتاكة إلى
البلاد.
خاتمة القول: جميع الفعاليات الدينية والسياسية والامنية والاعلامية، وغيرها يجب أن تعتبر مجابهة آفة المخدرات واجبا شرعيا واخلاقيا
ووطنيا.
كون هذا الارهاب الصامت يعمل على تحطيم البنية الاسرية، ومن ثم الاجتماعية بنحو  خطير.