صراع المطالب والحقوق

آراء 2024/06/03
...

 علي الخفاجي


يقال إن أي مجتمعٍ يعيش في بيئةٍ حرة يستطيع التعبير بحرية عن آرائه ومعتقداته هو مجتمع ديمقراطي هذا هو التعريف المُجمع عليه وفق النهج العام للأنظمة السياسية، وهنا وليس من باب تفنيد الآراء ولا تسقيط الفرضيات نستطيع القول بأن وضع البلد يختلفُ تماماً عما ذكر، لأننا ما زلنا نحبو نحو الديمقراطية، أو بتعبيرٍ أدق لم نصل وفق المفهوم العام إلى مرحلة النضج الديمقراطــي، على الرغم من مرور عشرين عاماً على دخولنا لهذا العالم الرحب، بالطبع ماوراء ذلك أسباب قد تكون منطقية لأن البلد خرج من مرحلة إلى مرحلة، وبالتالي صعوبة تعلم العصر الديمقراطي بمفاهيمهِ ودلالاته، ومنها ما تكون غير منطقية لأننا لم نستطع أن نفهم سريعاً ديباجة الحرية بمفهومها العام، وبدت الأمور نتيجة لخلطنا المتواصل بين الايجاب والسلب لذلك المفهوم.

أتذكر يوماً وعند مشاهدتي أحد الأفلام الأجنبية قد ذكرت عبارة جميلة ومؤثرة وظلت عالقة في ذهني فيقول الممثل.. “لقد فقدنا متعة السينما بجميع تفاصيلها وأصبحت غير ذي جدوى عندما استعضنا بمفهومٍ جديد وهو ما وراء السينما، نحن لم نفهم بعد ماهي السينما وماهي مكنوناتها وقفزنا إلى الماورائيات”، لعل هذه العبارة تنطبقُ على جميع الأحوال بمختلف الأزمنة والأمكنة ونستطيعُ أن نستنبط منها الكثير مما نحن فيه، فنحن لم نهضم بعد فكرة الديمقراطية والحرية بكل دلالاتها وجوانبها وأصبحنا نبحث عن ماوراء الديمقراطية، فالواقع المرير الذي نعيشه من حيث العبثية المطلقة في كثير من جوانب الحياة، هو نتيجة جهلنا المطبق بالمفهوم العام للحرية وبحثنا المستمر عما ستؤول اليه هذه الحرية، منذ سنوات والتظاهرات التي خرجت في كل أنحاء العراق والــتي تطالب بالحقوق على اعتبار جل المطالب مشروعة ومكفولة بموجب الدستور، حيث لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ سقوط النظام والى الآن إلى لملمة الأوضاع وتنفيذ مطالب المواطنين المشروعة الا ما ندر أو نستطيع القول لبت القليل من المطالب، لأنه في كثير من الأحيان اعتبرتها غير مشروعة وفوضوية!، وبطبيعة الحال لسنا ممن يؤيد مقولة ان الحقوق تؤخذ ولا تعطى، لأن فيها الكثير من المغالطات ونستطيع أن نفسرها بأنها نوع من الاستجداء إن صحت التسمية، لأن جميع الحقوق حتى وإن لم يُطالب بها هي واجبة التنفيذ، وعلى الحكومات تنفيذها دون منةٍ أو فضل، نسمع بين الحين والآخر عن تظاهرات في هذه المحافظة أو تلك وتسعى حكومات هذه المحافظات إلى تلبيتها أو تسعى لتلبيتها، لامتصاص غضب الشارع أو كما يعبر عنها لاحتواء غضب الشارع، لا نعلم هل أن المسؤولين في هذه المناطق أو تلك المحافظات في معزل عن المواطنين ولا يعرفون مطالبهم الا بالتظاهر والمطالبات ؟ الم يكونوا هؤلاء المسؤولين قبل ان يتبوؤا مناصب تنفيذية كانت أو تشريعية مواطنين ويتلمسون معاناة الناس المعروفة من حيث توفير فرص عمل وتقديم الخدمات وتوفير السكن الملائم وغيرها من المطالب المشروعة، ومن هذا المنطلق ومن باب المسؤولية على الحكومات المحلية أن تعمل على جرد احتياجات محافظاتهم كافة، وأن تدرجها ضمن الأولويات وأن تعمل على إدراجها ضمن موازنة المحافظة، وأن تعرضها على البرلمان وعلى الحكومة كــي نخرج من شماعة عدم وجود تخصيصات كافية، كما اعتدنا على سماعها طوال السنين التي مضت.