عبد الهادي مهودر
يحتفل العالم بأيَّام خاصّة تأكيدًا لأهميتها وعلاقتها بحياة وثقافات الشعوب كيوم رغيف الخبز ويوم البطاطس، وكذلك أيَّام الورد والشاي والقهوة وغيرها، لكنّنا لا نعيرها أهمية ولا نقيم لها وزنًا ونستخف بها، مع أنّها مناسبات حياتيَّة لمأكولات ومشروبات نعشقها حتى الموت، وأيامها أقرب الى الشعبيَّة والوطنيَّة من غيرها وهي من المشتركات المتفق عليها
في موائدنا المتنوعة العامرة، لكن وزارة الزراعة نشرت خبرًا مقتضبًا عن احتفالها بيوم الحقل لمحصول البطاطا بحضور المعالي والمسؤولين والمزارعين، وحسب الخبر فقد كانوا سعداء بتوصية وقف استيراد البطاطا دعمًا للمنتوج
الوطني الذي يشكو الاستيراد، والبطاطا التي تعد رابع أهم محصول في العالم هي من مظاهر العيش الرغيد والمتواضع للأغنياء والفقراء على حد سواء، وقبل عام قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخاذ الثلاثين من شهر آيار يومًا
عالميًّا للبطاطس واحتفلت به قبل أيام للمرة الأولى للتذكير بأهمية هذا المحصول الزراعي وقيمته الغذائية العالية ولكون البطاطس
صديقة للصحة والبيئة وقابلة للزراعة في ظروف بيئيَّة مختلفة وللطهو بأشكال ومذاقات مختلفة أيضًا، وهي لحم الفقراء الرخيص الثمن حين تُحلّق أسعار اللحوم وتخرج عن السيطرة، واليوم العالمي للبطاطس أو (البتيته) باللهجة العراقيَّة، مرَّ علينا مرور الكرام أو طرقَ
أسماعنا وسخرنا منه في غمرة الجدل المتواصل على أيامنا المختلف عليها فيما بين أبناء الماضي السحيق، ونحن ولله الحمد متفقون
على الموائد والبطاطا والحنطة والشعير والذرة، ونقف صفًا واحدًا ضد زهرة النيل وآفات النخيل وحشرتي الحميرة والدوباس التي تكلف
مكافحتها الموازنة العامة للدولة ملايين الدنانير سنويًّا، ويوم البطاطس مثل يوم الشجرة الذي مُرِّرَ في قانون العطلات الرسميَّة بكل هدوء ولم يعترض أي نائب فطن على كونه انقلابًا
ربيعيًّا!.
وبصراحة فإنَّ الأيام الأنفع للناس والتي تجلب لهم الخير كمواسم الحصاد تستحق أن تكون أيامًا وطنيَّة
بالإجماع ويحتفى بها في طول وعرض البلاد التي لم تتفق على يوم عيد وطني أو ديني ولا على يوم فرح أو حزن،
كاِتفاقها على مواسم حصاد الحنطة والشعير والرقي والبطيخ
والبطاطس.