خطوة لدخول الشركات الاستثمارية في حل أزمة السكن
ريبورتاج
2019/06/10
+A
-A
بغداد : بشير خزعل
تصوير: نهاد العزاوي
لقيت المبادرة الوطنية لتوزيع الاراضي التي طرحها رئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي اقبالا واسعا من شرائح وفئات واسعة من المجتمع العراقي ، فقد عبر مواطنون عن ارتياحهم الكبير لهذه المبادرة التي يمكن ان تخفف من ازمة السكن لالاف العوائل التي ترهقها مبالغ الايجارات المرتفعة او السكن في مناطق العشوائيات غير المخدومة ، والتي تحول البعض منها الى مرتع لامراض واوابئة مختلفة لا تليق بمستوى سكن وعيش كريم ، كما ان توفير الخدمات لقطع الاراضي التي يتم توزيعها من قبل الدوائر والمؤسسات المختصة ستؤدي الى انتشار مدن واحياء نظامية تتناسب مع مستوى الارتقاء الحضاري العمراني لما نراه في دول كثيرة في محيطنا الاقليمي.
خدمات
مساحات الاراضي الكبيرة غير المخدومة التي يتم توزيعها بين المواطنين او التي تخصص للسكن عبر مؤسسات مختلفة لاتشجع المستفيدن على بناء الوحدات السكنية ، مالم تتوافر فيها خدمات الماء والكهرباء والمجاري والطرق او تكون مجدولة وفق فترة زمنية قصيرة لاتمتد الى سنوات طويلة .
موظفون في مؤسسات حكومية مختلفة ابدوا رغبتهم بان تكون الاراضي التي يتم توزيعها من قبل الدولة لحل ازمة السكن بان تكون حلولا شافية غير منقوصة ، اذ يقول المهندس مهند كاظم الساعدي خبيرعمراني في احد مكاتب القطاع الخاص : توزيع قطع الاراضي السكنية على موظفي الدولة في اماكن لاتتوفر فيها الخدمات لايمثل حلا في ازمة السكن بل سيبقى على مساحات فارغة غير مستغلة لانها تحولت الى قطع اراضي مملوكة للمواطنين سواء كانوا موظفين اوغيرهم ، لذلك لابد ان تراعي المؤسسات العمرانية ودوائر التصميم الاساس وباقي المؤسسات الخدمية الاخرى مثل الماء والكهرباء والتربية والبيئة في بغداد وباقي المحافظات ان تكون خطط الخدمات مجدولة وجاهزة للمناطق التي يراد توزيعها بين المواطنين او الموظفين وهذا يعطي تنظيما اكثر ويجعل المدن والاحياء السكانية تنشء بشكل عمراني متناسق وغير مشابه للعشوائيات ، واضاف الساعدي : المدن التي تبنى من دون وجود خدمات المجاري والماء والكهرباء ستلجأ لشتى الوسائل لتأمين هذه الخدمة بطرق عشوائية ستسبب ضررا كبيرا على مناطق اخرى قريبة ، بالاضافة الى الصعوبات التي ستواجهها الدوائر الخدمية في العمل اثناء بناء مشاريع الخدمات لكثرة التجاوزات وتغيير معالم الفسحات والطرق والمساحات مؤشرة في خريطة المنطقة قبل بناء الدور السكنية فيها .
اطراف
حسن هادي هاشم (43) سنة موظف حكومي قال : لدي قطعة ارض مساحتها 200 متر في منطقة التاجيات استلمتها كاستحقاق وظيفي من الوزارة التي اعمل فيها ، لكنني لم استطع بناءها بسبب عدم توفر اي نوع من الخدمات فيها ، فلا ماء ولامجاري ولاكهرباء ولامدارس اوطرق معبدة وفي سنوات مضت تحولت مساحة الارض التي توجد فيها اكثر من 1000 قطعة سكنية الى مكب للنفايات التي تأتي من مناطق واحياء بغداد المختلفة ، لوكانت هذه المناطق مخدومة لبنيت خلال اشهر قليلة واصبحت مدنا واحياء متكاملة ، الخدمات هي اهم مفصل في بناء المدن الجديدة .
المهندس المدني امير رزوقي صاحب مكتب استشاري للتصاميم العمرانية اشار الى ضرورة ان تكون هناك خطط مسبقة قبل اي عملية فرز للاراضي التي تخصص كاحياء سكنية ، فالمساحات الشاسعة التي توزع كقطع اراضي للمواطنين يمكن ان تأخذ شكلا اخر بدلا من ان تظل ارضا فارغة لايستطيع الحائز لها الاستفادة منها بسبب عدم توفر الخدمات الضرورية ، واضاف رزوقي : على المؤسسات الحكومية التي تقوم بتوزيع قطع اراضي بين موظفيها التعاقد مع شركات تقوم ببناء تلك الاراضي كمنازل وتسلمها بيوت جاهزة للسكن مقابل دفعات مالية واستقطاعات من رواتب الموظفين بنسبة فائدة مرضية للطرفين ، وبذلك تتحول اغلب الاراضي الى احياء سكنية عامرة وتخفف من ازمة السكن بنسبة كبيرة تكاد تختفي بعد سنوات قليلة ، وهذا هو الحل مع غير الموظفين ايضا فالدولة يمكنها ان تبني الاراضي التي يتم توزيعها بين المواطنين مقابل استقطاعات شهرية يجري ترتيبها مع مصارف وجهات مالية مختصة ، وهنا ستكون الفائدة من ناحية العمران المدني غير العشوائي واستغلال الاراضي السكنية التي تظل لسنوات طويلة وهي فارغة بسبب عدم قدرة المواطن على بنائها بشكل
منفرد .
ثقافة
الاستشاري العمراني المهندس فراس هادي الشمري قال : ثقافة المواطن العراقي تميل الى البناء الافقي اكثر منه للسكن العمودي ، والعراق كدولة اصبح ضمن خط الزلازل الذي يمر بالمنطقة ، لذلك لا نريد ان نبني الاف الشقق السكنية وتظل فارغة اويكون الاقبال عليها ضعيفا ، ولابد من الموازنة في المجتمعات والمدن التي ترغب بالسكن العمودي او الافقي ، وبين الشمري : في موضوع قطع الاراضي السكنية التي توزع على الموظفين او المواطنين لا يوجد افضل من الاستثمار في بناءها بشراكة من قبل الوزارات والشركات المنفذة التي ستحقق انجازا سريعا في حل ازمة السكن بالاضافة الى الارباح التي تجنيها تلك الشركات والوزارات من دون ان تثقل كاهل المستفيد .
ندوة
المهندس إستبرق الشوك وكيل وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة تحدث في ندوة اقيمت لمناقشة المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قائلا : تم تقديم تفاصيل خطة تمليك وتـوزيـع الأراضــي السكنية للمواطنين في ضـوء المـنـهـاج الــوزاري الــذي قـدمـه رئيس الـــوزراء، ووضعت تفاصيل الـخـطـة المـقـررة المتمثلة بـتـحـديـد أراض خــارج او داخـل حدود التصميم الاساس لمراكز المحافظات وبـمـسـاحـة لاتــقــل عــن (50 بــالمــئــة) مـن مـسـاحـة مـراكـز المـحـافـظـات لـتـكـون مـدنـاً جديدة تنفذ وفق رؤية تخطيطية وعمرانية حــديــثــة تــرتــقــي بــمــســتــوى الـتـخـطـيـط الحضري وتكون نقلة نوعية في تخطيط المدن، وقــدم الـشـوك دراســة موسعة حـول قطاع السكن في العراق والتحديات التي تواجه نجاحه، والفرص والمعالجات ودور الجهات القطاعية والـــوزارة فـي اعــداد السياسات الاسكانية ومتابعة تنفيذها، ومـا حققته فـي تنفيذ مـشـاريـع الـسـكـن واطــئ الكلفة ودور الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003 وحتى الان فـي معالجة ازمـة السكن وما تضمنه الـبـرنـامـج الـحـكـومـي مـن معالجة حقيقية لازمة
السكن .
حق السكن
واضاف الشوك : نناقش موضوعا اقتصاديا واجتماعيا يمس حياة المواطن وكرامته وهو حق السكن الذي كفله الدستور، وقد عملت الوزارة على وضع السياسة الوطنية لـلاسـكـان 2010 – 2016 وتـحـديـثـهـا 2018- 2022 واعــــــداد سـتـراتـيـجـيـة إعــــادة الاعــمــار لـلـمـسـاكـن المــدمــرة و تـنـمـيـة قــطــاع الـسـكـن فــي المـحـافـظـات المتضررة والقضاء على السكن العشوائي وانشاء مــشــروع المـــدن الــجــديــدة ووضـــع خـريـطـة طـريـق الـبـرنـامـج الـوطـنـي لـزيـادة وصيانة ومـراقـبـة الـرصـيـد الـسـكـنـي فـي الــعــراق، واوضــح وكيل الوزارة : ان تحديات عدة تواجه ازمة السكن ، ابــرزهــا اسـتـمـرار الـعـجـز الـسـكـنـي بـواقـع مليوني و500 ألـف وحـدة سكنية وزيـادة مـسـتـمـرة فــي مــعــدل الاشــغــال الـسـكـنـي عـلـى مـسـتـوى الـوحـدة السكنية والـفـارق فـي تلبية الـحـاجـة الـى الـوحـدات السكنية بين المحافظات المختلفة من جهة والريف والحضر والنمو السكاني من جهة اخرى .
العشوائيات
وبين المهندس الشوك : ان النشاط الــســكــانــي والانــشــطــار الاســــري يـحـتـم ضـرورة الاستجابة لاحتياجات الشرائح المختلفة من المجتمع من حيث انماط السكن والــقــدرة عـلـى تحمل الـتـكـالـيـف والـتـمـويـل فضلا عن تفاقم العشوائيات على اطراف المدن وداخلها، فالبيانات تشير الى ان عدد التجمعات العشوائية في محافظات العراق، عدا اقليم كــردســتــان والمــحــافــظــات الــتــي تـعـرضـت الــى الـعـمـلـيـات الـعـسـكـريـة والارهــــاب، بلغ 3687 تجمعاً وعدد المساكن العشوائية 521947 مـسـكـنـاً بـنـسـبـة 5.16 بالمئة مـن مجموع المساكن فـي الـعـراق فـي حين بلغ عدد سكان العشوائيات ثلاثة ملايين و329 الف و606 نـسـمـة لـلـعـام 2017 وتـحـتـوي محافظة بغداد على اكبر عدد للمساكن العشوائية تـلـيـهـا مـحـافـظـة
الــبــصــرة.
لجنة
لـجـنـة مـراقـبـة تـنـفـيـذ الـبـرنـامـج الـحـكـومـي والـتـخـطـيـط الـسـتـراتـيـجـي شرعت فــي عـقـد الاجـتـمـاعـات والـلـقـاءات لإعــداد ورشـة عـمـل مـوسـعـة لـلـوقـوف عـلـى أسـبـاب أزمــة الـسـكـن فـي الـعـراق، مـبينة أن الـورشـة تهدف إلى ايجاد حلول جذرية لمشكلة السكن من خلال الاعتماد على ستراتيجية شاملة لهذا الموضوع تكون كفيلة بالقضاء على ازمة السكن بشكل نهائي. وأوضــح بـيـان للجنة: أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي اجتمع مع لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي والتخطيط الستراتيجي للوقوف على أسباب أزمـة السكن في الـعـراق وايـجـاد الـحـلـول المـنـاسـبـة لـحـل هــذه الأزمــة ومعالجتها ووضـع ستراتيجية مستقبلية لانهاء موضوع المساكن العشوائية على الأراضي الحكومية المــتــجــاوز عـلـيـهـا، عــن طــريــق تـنـظـيـم ورشـــة عمل موسعة لمناقشة الموضوع مع الجهات الحكومية المعنية ومجالس المحافظات والمحافظين والامـانـة الـعـامـة لمجلس الــوزراء وبعثة الامم المتحدة واساتذة الجامعات والخبراء في مجال الأسـكـان والمــصــارف الحكومية
والأهـلـيـة.