سعد العبيدي
يشهد المجتمع العراقي، وخاصة السياسي المسلح منه، تناقضات واضحة في التعامل مع الأمريكيين والأوروبيين.
هذا التناقض ظهر جلياً في الأحداث الأخيرة من شهر مايس التي تضمنت هجمات استهدفت في بغداد مطاعم «كي إف سي» الأمريكية وإلقاء قنابل صوتية أمام وكيل شركة «كتر بلر» ومعهد لغات.
وتضمنت في الوقت نفسه، إقبالا كبيرا من الجهات المسلحة على السيارات الأمريكية (تاهو)... تناقض سلوكي يعكس رفضاً واحتجاجاً على الوجود الغربي في البلاد من جهة، ورغبة قوية في الاستفادة من السيارات الأمريكية وبعض المنتجات لأغراض الوجاهة والحماية من جهة أخرى، ويعكس أيضاً مقداراً كبيراً من التعقيدات في الواقع العراقي، وينبئ بتأثيرات متعددة في المستقبل على الاقتصاد والاستثمار ووحدة المشاعر الوطنية.
إذ إنها أي الهجمات على المصالح الأجنبية تعطي انطباعاً بعدم الاستقرار، مما يؤدي إلى تردد المستثمرين الأجانب في دخول السوق العراقية وهروب الاستثمارات منها، وتعميق أزمة البطالة والحد من فرص التنمية الاقتصادية، وبالتالي عزل العراق عن التطورات العالمية السريعة وتجهيله، وتعزيز العداء إلى وجوده.
علاوة على ذلك، يؤثر هذا التناقض سلباً في وحدة المشاعر الوطنية التي تعاني في الأصل من التصدع، حيث يصبح من الصعب تحقيق توافق داخلي حول السياسات الاقتصادية والعلاقات الخارجية الضرورية لاستقرار البلاد وإعادة بنائها كما هو
مطلوب.
كما يمكن استغلال هذا التناقض من أطراف خارجية لزيادة الفجوة بين مكونات المجتمع العراقي، مما يعزز التوترات الداخلية ويهدد الاستقرار الاجتماعي.
خلاصة القول، إن التناقض في المشاعر تجاه الأمريكيين والأوروبيين ظاهرة معقدة تحمل تأثيرات متعددة على الاقتصاد والاستثمار ووحدة المشاعر الوطنية في البلاد، والقول أيضاً إن تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار والتنمية المستدامة، يحتاج من الدولة التدخل لحسم الموضوع، ومن العراقيين والساسة والمسؤولين تبني سياسات متوازنة تراعي المتطلبات الأمنية والاحتياجات الاقتصادية ووحدة المشاعر الوطنية.