تسويق من نوع جديد

اقتصادية 2024/06/04
...

محمد شريف أبو ميسم

يقال إنَّ التسويق، هو فنّ البيع، وهذا الفنّ شأنه شأن الفنون الأخرى لا يمكن له أن يسجِّل النجاحات دون موهبة، وغالباً ما يكون أداء المسوّق أكثر إبداعاً حين تصقل موهبته بالتعليم، حينها تكون مجموعة العمليات أو الأنشطة التي يعتمدها المسوّق قائمة على اكتشاف ومعرفة رغبات الجمهور أو رغبات فئة محددة منه، باتجاه تطوير المنتجات أو الخدمات التي تشبع تلك الرغبات وتزيد من المقبولية لدى المستهلك، ما يحقق للشركة أو المؤسسة نسباً من الأرباح خلال فترة زمنية مناسبة.
ومن المؤكد أنَّ للتسويق أشكالاً مختلفة، كان آخرها ما يسمى بالتسويق الإلكتروني الذي وجد رواجاً كبيراً جداً مع تزايد استخدامات تكنولوجيا المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي في ظلِّ استخدامات أدوات الدفع الإلكتروني، إلّا أنَّ المعنيين بفنِّ التسويق ما فتئوا يبتكرون أساليب جديدة يصلون بها إلى المستهلك على مستوى الأسواق من جانب وعلى المستوى الخاص باستهداف مستهلك بعينه بحسب نمط الاستهلاك من جانب آخر، اعتماداً على أدوات التسويق الإعلانية والابتكار في نوعية هذه الأدوات وقدراتها على التأثير، كلاً بحسب البيئات الاستهلاكية وثقافة التجمعات السكانية وصولاً إلى إشباع الرغبات الواعية الممثلة بالسلع والخدمات التي يمكن اقتناؤها وهي في قائمة السلع التي يمكن الاستغناء عنها.
والأجمل من ذلك هو قدرة البعض من فناني التسويق على إقناع بعض المستهلكين بضرورة اقتناء سلعة ما أو الحصول على خدمة ما وهي ليست في حسابات سجل الاحتياجات الخاصة بذلك المستهلك، وقد تتراود إلى الذهن صورة الشباب الذين يجوبون المناطق التجارية والأحياء السكنية بين المحال والبيوتات وهم يحاولون بيع سلعة ما بأساليب الإقناع والمجاملة مع الجمهور عبر طرق الأبواب وزيارة مقرات العمل، وهؤلاء وإن كان البعض منهم يتمتع بمواصفات المسوّق الماهر، إلّا أنهم لا يعدون أكثر من كونهم مجاهدين يحاولون الفوز ببيع عدد من السلع بهدف الكسب وإعطاء ديمومة للعيش، وكثيراً ما يكون عمل مثل هؤلاء قائماً على نمط ثابت من الاستهلاك الذي يحفز المسوّق على طرق الأبواب، إلّا أنَّ الأكثر دهشة هي قدرة بعض الشركات والأفراد المشتغلين بالتجارة على تسويق سلع وخدمات لمؤسسات لم تضع في خططها يوماً أنها بحاجة إلى مثل تلك السلع والخدمات، إذ يقوم هؤلاء بتوظيف مهاراتهم ودراسة إمكانية توظيف تلك الخدمة أو السلعة في سياق عمل المؤسسة المستهدفة اعتماداً على ما تعرضه من نشاطات وفعاليات وإمكانيات على مواقعها الإلكترونية أو على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وعبر المرور على سلسلة من أصحاب القرار، وبأساليب فنية يتم إقناع ذوي الشأن بأهمية حيازة السلعة أو الخدمة بكل أريحية ووفق القوانين والتعليمات الصادرة، وهذا النوع من التسويق يتفوق على كل أنواع التسويق الأخرى لأنه يصادر إرادة المستهلك ويستحوذ على عقليته ويسيطر عليها في أجواء من المقبولية والرضا.