حين تتساوى الأصابع

الصفحة الاخيرة 2024/06/10
...

عبد الهادي مهودر

بين مطربة الحي التي لا تطرب وعقدة الخواجة التي تشجينا وتطربنا نحن الذين نطرب للغريب، استمر الجدل أسبوعاً ثم توقّف، حول نصب الإبهام المقام أمام فندق في العاصمة بغداد، بعد ظهور ثلاثة أصابع مشابهة في العاصمة الفرنسية باريس والصين وقطر، وربما أكثر، فهدأت العاصفة وتساوت الأصابع مع تفاوت القناعات في صلته بواقعنا ومعنى وأهمية وجمالية نصب إبهام سيزار، الفنان المولود في فرنسا لأبوين ايطاليين، الذي يعد من أبرز الشخصيات الفنيَّة في الحركة الفنيَّة الفرنسيَّة، وقد انتج القالب الأول للإصبع في معرض حول (اليد) عام 1965، لكنه وصل إلينا عام 2024، وكما في كل مرة يأخذ الجدل حول أية قضية كبيرة أو صغيرة دورته الكاملة ثم نباشر الجدل بقصة جديدة وهكذا دواليك، وأكاد أجزم لو أن نحاتاً عراقياً أقام نصباً مشابهاً لهذا الإصبع لما توقفت حفلات الاستهزاء به حتى يتم هدمه او حتى انشغالنا بقصة جدليَّة جديدة تلغي سابقتها مثلما نسينا نصب الباذنجانة ونصب الشاعر محمد مهدي الجواهري ودلال القهوة الذي أقيم في باحة المركز الثقافي في شارع المتنبي وأثار الكثير من الجدل، وبُني بليل ثمّ هُدم بليل وأصبح أثراً بعد عين وذهب الدفاع عن قيمته ومعناه أدراج الرياح، وفي معرض الجدل حول أصبع سيزار، كتب عددٌ من المدوّنين، أن الكثير من العراقيين يجهلون الحركة الواقعيّة الفنيّة وكتب آخرون، ان الكثير من العراقيين الذين زاروا فرنسا وقطر والصين وغيرها من البلدان، التقطوا صوراً تذكاريَّة إلى جانب الإصبع نفسه ونشروها في صفحاتهم الشخصية بكل فخر قبل أن يعودوا الى بلدهم وينتقدوا هذا النصب المقام مؤخراً في وسط العاصمة بغداد، وإذا تباينت القناعات فقد اتفقت على أن وجوده في بغداد حالة طبيعيَّة لوجود نصب مشابهة له في العديد من دول العالم، على قاعدة حشرٌ مع الناس عيد، وهذا المقياس أصبح هو الحاكم في غياب جهة فنيّة واحدة مسؤولة عن ترخيص جميع النصب والتماثيل والأعمال الفنيّة التي تقام في الأماكن العامة، وقريباً من هذا المقياس، نشر أحد المدوّنين فديو تمثيلي ساخر لشاب عربي افريقي يتصل بمسؤول الكهرباء صارخاً ومحتجّاً ومستغرباً من استمرار انقطاع التيار الكهربائي في بيته فقط من دون بقية البيوت المجاورة، فيطلب منه مسؤول الصيانة الخروج فوراً من داره والتأكد من ان القطع قد شمل الجميع مباشرةً بعد اتصاله وليس في بيته فقط، فيشكره على العدالة في توزيع الطاقة ويتوقف عن الشكوى والكلام
المباح.