تناقص مستويات الطمأنينة

آراء 2024/06/26
...

سعد العبيدي

يتساءل العديد من السياسيين والقادة والناس العاديين: لماذا العراقي عصبي المزاج؟ لماذا لا يرضى؟ لماذا مستويات الإنتاج عنده قليلة والنوعية من أردأ الأنواع؟ وغيرها من الأسئلة التي تشغل الملايين من الأبناء، وربما تربك عيشهم في بعض الأحيان. ولو ألقى السائلون نظرة عامة على مجتمعهم ستظهر الصورة واضحة: مجتمع فيه الحوادث والانتهاكات والمخالفات والمخدرات والسلاح والقيود وتعدد السلطات تزيد كثيراً عن حدود المقبول عند أقرانهم من بني البشر، وفيه أيضاً نقص في الخدمات وفي الكهرباء ومستوى التقيد بالقانون وفي كم التحصيل والرفاه تقل كثيراً عن المألوف لغالب الأقوام من البشر. جانبان أو طرفان لا تدركهما السياسة ولا يتخيل أصحابها مقادير تأثيرهما على الطمأنينة والرضا للإنسان. وبمعنى أدق أن الزيادة والنقصان في طرفين متقابلين لسنن الحياة، هما العامل الأساس في إنتاج بيئة أمنية نفسية غير مطمئنة، فيها القلق سائد والخوف ملموس، والشك هو الطاغي في النفوس. ولو دقق الواحد منا في هذا المنتج «الزيادة والنقص» سيجده واضحاً في بيئته، وسيجد الإجابة كذلك واضحة على أسئلته أعلاه.
يقول علماء النفس ومن يؤمن بهرم ماسلو للحاجات الإنسانية إن الطمأنينة والأمان هما من الاحتياجات الأساسية، التي يجب تلبيتها قبل أن يتمكن الأفراد من تحقيق الاحتياجات الأعلى مثل الحب والانتماء والتقدير وتحقيق الذات. ويقولون عندما تكون الطمأنينة مفقودة، يكون من الصعب التركيز على تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية، مما يؤدي إلى تراجع في مستوى الإنتاجية والرضا الوظيفي، والالتزام. ويقولون أيضاً إن التعرض المستمر للأحداث المجهدة، مثل العنف وانعدام الأمان، يمكن أن يؤدي إلى استجابة إجهاد مزمنة تؤثر سلباً على الصحة والتقيد بالنظام وإلى التدهور في العلاقات الاجتماعية والأداء الوظيفي، وزيادة مشاعر الانفصال والعزلة. حقيقة نفسية لا ينبغي التوقف عندها مجرد حقيقة، بل ومن الضروري أن تتخذ السلطات والمجتمع خطوات فعالة لتحسين الأوضاع الأمنية وتقليل مصادر التهديد لرفع مستوى الطمأنينة، المتغير الأهم في تحسين جودة الحياة والإنتاج.