حين تعجز اليد عن الكتابة (1)

الصفحة الاخيرة 2024/06/26
...

زيد الحلي

عطلة العيد، وما تبعها من أيام، كانت مناسبة للانزواء في البيت، في محاولة للخلاص من قيظ شديد البأس، فلا قوة لمن في عمري من التخلّص منه، إلّا بالمكوث بين جدران أربعة، متوسّلاً بكهرباء عليلة، لم تشفِ الغليل .
لقد وفرت الأيام المنصرمة، فرصة للاطلاع وقراءة ما توفر عندي من كتب، بعضها مهداة والأخرى مدفوعة الثمن، كان من بين تلك الكتب، كتاب، ليس جديدا (اصدار 2015)، وموضوعه ليس جديداً أيضا، لكنّه استهواني، فهو يخص الأديب الكبير الذي أهوى "نجيب محفوظ"  للكاتب "محمد سلماوي" وعنوانه "حوارات نجيب محفوظ".
الكتاب بـ 419 صفحة، والمقدمة المكثفة التي كتبها "سلماوي" تثير الشهية لقراءة الكتاب.. فماذا قال في مقدمته؟ (على مدى 12 عاماً منذ تعرض أديبنا الأكبر نجيب محفوظ لمحاولة الاغتيال الآثمة في أكتوبر عام 1994، والتي أعجزت يده اليمنى، وحتى وفاته في أغسطس عام 2006، ظللت ألتقي به في منزله بشكل منتظم كل يوم سبت في تمام الساعة 6 مساء، لأجري الحوار الأسبوعي الذي كان ينشر كل يوم خميس بجريدة ‹الأهرام›، والذي طلب محفوظ من رئاسة تحرير الجريدة أن أجريه معه بدلاً من مقاله الأسبوعي الذي لم يعد قادراً على كتابته).
شخصيَّاً، رغم، لقاءاتي الثلاثة مع محفوظ، وحواراتي معه في فترات متباعدة، وهي منشورة في الصحيفة التي كنت أعمل فيها، وبعضها في كتابي "السنين إن حكت"، ومعرفتي بالتزامات ودقة مواعيد الأديب الكبير، لكنني لم ألحظ هذه الدقة التي أشار إليها "سلماوي" في كتابه، حيث قال (قد كان جدول لقاءات محفوظ مرتباً بدقة مثل بقية حياته، فقد كان يلتقي مساء أيام الآحاد من كل أسبوع بمجموعة من الأصدقاء في فندق "شبرد" تضم: د. محمد الكفراوي وعلي سالم وإبراهيم عبدالعزيز وغيرهم، أما جمال الغيطاني ويوسف القعيد وعبدالرحمن الأبنودي وشلتهم، فقد كان يلتقي بهم مساء الثلاثاء في باخرة "‹فرح بوت" على نيل الجيزة، وكان يوم الجمعة مخصصاً للقاء الذي كان يرتبه له د. يحيى الرخاوي مع مجموعات من الشباب من مريديه. أما يوم الخميس فكان للقاء الحرافيش. وكانت لقاءات محفوظ تتراوح ما بين المقطم وفندق سوفيتيل بالمعادي وفندق موفنبيك بالمطار، بالإضافة للجيزة ووسط البلد) الكتاب الذي أمامي الان، سباحة حرة في فكر وحياة وفلسفة أديب نوبل الكبير، صاحب "الثلاثية" و"أولاد حارتنا" و"ثرثرة فوق النيل" و"ملحمة الحرافيش".. ولاحقاً، نقلب صفحات هذا الكتاب المهم .