بغداد: حيدر الجابر
طغى الحديث عن الانتخابات المبكرة في الأيام الماضية، حيث دعا زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لإجراء الانتخابات مبكرة، على الرغم من استقرار الوضع السياسي ودعم الكتل السياسية للحكومة الحالية.
وعلى الرغم من إدراج الانتخابات المبكرة في المنهاج الحكومي؛ إلا أن الانتخابات الوحيدة التي جرت هي انتخابات مجالس المحافظات منتصف كانون الأول الماضي.
واعتبر المحلل السياسي، د. مجاشع التميمي، أن الدعوة للانتخابات المبكرة "قانونية"، إلا أن "الجو السياسي" غير مستعد لإجرائها.
وقال التميمي لـ"الصباح": إن "تصريحات السيد نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون بشأن الانتخابات المبكرة هي دعوة قانونية، لأن إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة أدرج في المنهج الحكومي لرئيس الوزراء"، وأضاف "إذا قدمت دعوى في المحكمة الاتحادية ضد الحكومة الاتحادية (بشأن إجراء الانتخابات المبكرة) فسيتم كسبها، لأنها أصبحت قانوناً وعلى الحكومة والقوى السياسية تنفيذها" .
وتابع، أن "رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) أعلن أنه على استعداد لإجراء الانتخابات بشرط اتفاق القوى السياسية على تعديل قانون الانتخابات - بحسب ما جاء في البرنامج الحكومي – وكذلك تمديد عمر المفوضية العليا للانتخابات الذي سينتهي الشهر المقبل، والموافقة على حل مجلس النواب قبل 45 يوماً من إجراء الانتخابات"، وبيّن أن "هذه الشروط تبدو صعبة جداً في ظل الصراعات الموجودة بين القوى السياسية"، مؤكداً أن " الدعوة التي أطلقها المالكي هي قانونية؛ لكن الأجواء تبدو غير مهيئة لإجرائها" .
ورجّح التميمي، أن "الدافع الرئيس لهذه الدعوة هي خلافات داخل (الإطار التنسيقي)، فضلاً عن إرسال رسائل لـ(التيار الصدري) بشأن حل الخلافات والتوصل إلى اتفاق للمرحلة المقبلة" .
وأجريت الانتخابات المبكرة الوحيدة بعد 2003 في 10 تشرين الأول 2021، وذلك بعد احتجاجات تشرين 2019 التي أدت إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي.
ويضع الأكاديمي والباحث بالشأن السياسي، د. عبد العزيز العيساوي، عدة إشكاليات تمنع إجراء الانتخابات المبكرة، مشيراً إلى وجود سوء فهم قانوني حول حل البرلمان.
وقال العيساوي لـ"الصباح": إن "الدعوة للانتخابات المبكرة أخذت حيزاً واسعاً في الأيام الاخيرة، على الرغم من عدم وجود ذكر للانتخابات المبكرة في الدستور"، وأضاف أن "المادة 64 من الدستور ذكرت الانتخابات العامة، أما الانتخابات المبكرة فتأتي نتيجة لحل البرلمان، وهو ما أدى إلى وجود خلط قانوني، إذ لا يجب حل البرلمان قبل الانتخابات بستين يوماً وإنما إجراء الانتخابات في غضون ستين يوماً من حل البرلمان" .
وأضاف، أن "إقامة انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي مستحيلة، ولم يبق إلا ستة أشهر على الموعد المفترض لإجرائها، والحديث عن الانتخابات المبكرة رافق الحديث عن تعديل قانون الانتخابات وتعديل الدوائر المتعددة إلى دوائر متوسطة"، ولفت إلى أن "تعديل قانون الانتخابات يستغرق ما بين (3 إلى 5) أشهر، وتحتاج مفوضية الانتخابات (5 إلى 6) أشهر بعد تعديل القانون لإجراء الانتخابات" .
وأكد، أنه "لن يتم إجراء الانتخابات قبل منتصف العام المقبل، وسياسياً يمكن المطالبة بالانتخابات المبكرة"، ونبّه إلى أنه "ديمقراطي، فثبات موعد الانتخابات دليل على قوة واستقرار النظام السياسي، أما إذا أجريت انتخابات مبكرة فهذا يعني إجراء 3 انتخابات في غضون 6 سنوات، وهذا يعني وجود مخالفة دستورية، إذ ينص الدستور على إجراء الانتخابات كل 4 سنوات" .
كما نبّه العيساوي، إلى أن "الخلاف سياسي أكثر منه قانونياً، وستجري الانتخابات في نهاية العام المقبل بما يمنح الحكومة مدة كافية ليقرر الناخب خياره"، وأشار إلى أن "الأمور تسير نحو إكمال الدورة الانتخابية، بينما يضعنا إجراء الانتخابات المبكرة أمام أكثر من إشكالية" .
وأوضح، أن "إجراء انتخابات مبكرة، يثبت العرف السياسي بإجراء الانتخابات مع حدوث أية أزمة سياسية، وكما أنه لن يتم الالتزام بالتوقيتات الدستورية الملزمة وستفقد العملية الانتخابية قيمتها وتزيد الفجوة مع الناخب، وستتعزز فكرة أن القوى السياسية تستطيع إجراء الانتخابات متى أرادت" .
تحرير: محمد الأنصاري