لماذا تموت الكاتبات كمدا؟

ثقافة 2019/06/11
...


هل هن فعلا يفعلن هذا حقا؟ هل تموت الكاتبة ان شعرت بان هناك ممارسات اقصائية وتهميش لدورها ومكانتها وابداعها ومنزلتها، ولا تستطيع الوقوف بقوة ضد تيارات “ التحجيم” فتلجأ الى اختيار التقوقع والعزلة واختيار الموت أو انتظاره!!
اسئلة كثيرة تناولها كتاب الشاعر والكاتب المصري “ يوسف شعبان” الصادر مؤخرا والذي حمل عنوان” لماذا تموت الكاتبات كمدا؟ “..
هل ماتت “ فيرجينيا وولف”  كمدا ام حزنا على عدم مقدرتها على الاستمرار بالكتابة!! 
يحيلنا الكتاب الى شواهد وتحليلات  تتعلق بالمرأة الكاتبة التي مرت بواقع يشير الى اتفاق شبه عام على استبعاد دورها أو المرور عليه بطريقة غير متأنية  وفاحصة بما يليق بمنجزها ، ويختار في دراسته اسما مهمة لا يمكن تناولها دون التطرق الى الظروف التي أطبقت عليها وربما لم تستطع الفكاك منها جيدا ومنها الشاعرة الرائدة “نازك الملائكة “ التي رحلت عام 2007 في القاهرة، واقام لها المجلس الاعلى للثقافة تأبينا واصدرت وزارة الثقافة بيانا تنعي فيه الشاعرة المجددة واعلنت عن مسابقة للشاعرات العربيات باسمها ، لكن الامر لم ينفذ ابدا وبقي ضمن خانة الاستهلاك المحلي والعربي فقط .وسبق وان اطلقت في التسعينات اشاعة موتها التي تم تكذيبها لاحقا ولم يكلف احدا نفسه الاتصال بها والتأكد من صحة الخبر من عدمه، وترصدت حملات نقدية مسيرتها التي حاولت ان تلغي عنها دور الريادة في تجديد الشعر العربي حتى جعلها الامر تنزوي عن العالم وتتقوقع في عزلة  عن الجميع بعد ان تركت كل الطعون النقدية التي توالت عليها ولم تلتفت لها. وهي محاولة لتمزيق معطفها الذي دخل فيه الشعراء الذكور تباعا. 
وتطرق الكتاب الى موقف عباس محمود العقاد حين استبعد في كتابه “ شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي”  قدرة المرأة على ان تكون شاعرة واذا اصبحت شاعرة فسيحصر تميزها في الرثاء مثلما فعلت الخنساء في رثاء اخيها صخر  وعائشة التيمورية عند موت ابنتها “ توحيدة” ، معتبرا الامر من الحالات النادرة لكون المرأة لا تستطيع التأمل حسب قول العقاد مثلما يفعل الرجل لذا فهي تصلح للقص والحكايات فقط !!! 
يؤكد “يوسف” ان المرأة الكاتبة والشاعرة والتشكيلية  تم اخراجها من الادب المقاوم مثلما فعل الكاتب الفلسطيني الشهير محمود درويش وهو يستعرض الوضع الثقافي لعرب فلسطين المحتلة اذ لم يذكر اي اسم لمبدعة  رغم وجود الكثيرات ، وتساءل الكاتب..هل اقتصر دور المرأة على تطريز الكوفيات  واعداد طعام المقاتلين أو المتعة الجسدية للرجل ، محور قصص كنفاني  الرجال فقط وهو يسرد بطولاتهم ومواقفهم  دون ان يكون للمرأة حصة واضحة فيها .. وهذا ما يوضحه كتابه “ الادب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968”.الذي تناول فيه دور الشعراء والكتاب الذكور دون ان يذكر اسم واحدة من المبدعات ومنهن على سبيل المثال “ فدوى طوقان “ وسميرة عزام وسميرة أبو غزالة وغيرهن كثير..
ان كان الادباء يؤمنون باقصاء المرأة المبدعة فكيف لنا ان نؤمن بكتاباتهم الداعية الى تحرر العقل والتنوير والتثوير والاجتهاد ونبذ اقصاء الاخر . !