الروح الوطنيَّة

آراء 2024/06/30
...







 حسين علي الحمداني

لثورة العشرين خصوصية كبيرة في الذاكرة العراقية، حيث إنها وضعت الأسس الأولى لبناء الدولة العراقية الحديثة، التي انبثقت من رحم هذه الثورة الشعبية، والتي عمت أغلب مناطق العراق وهي رد فعل طبيعي على الاحتلال البريطاني للعراق في نهاية الحرب العامية
الأولى.
ورغم مرور أكثر من قرن على ثورة 30 حزيران 1920، إلا أنها ما زالت تشكل نقطة مشرقة في تاريخنا الحديث لما لها من أهمية كبيرة في نتائجها، التي كان بينها تأسيس جيش عراقي وطني، وتشكيل حكومة عراقية وطنية والتأسيس لنظام سياسي يقود العراق في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية، الجانب الآخر يتمثل بموقف العراقيين بصورة عامة ورفضهم الاحتلال البريطاني ومحاولة
جعل العراق ضمن ممتلكات التاج البريطاني وبالتالي نجد إن هذه الثورة مهدت الطريق كما أشرنا لولادة الدولة العراقية وقيادة العراقيين لبلدهم في ظروف صعبة جدا، ونجحوا في ذلك بصورة
كبيرة.
وإن أبرز ما تجلى في هذه الثورة الروح الوطنية العراقية، التي تكاتفت من أجل تحقيق أهداف الثورة، وهذا التكاتف تجلى بوضوح في التنسيق التام بين المرجعيات الدينية والعشائر وعموم الشعب العراقي لهذا نجد أن المساحة الجغرافية لثوار العراق غطت الساحة العراقية من الشمال إلى الجنوب مما يضفي عليها الطبيعة الوطنية العابرة للمناطقية والجهوية والعشائرية والدينية، مما جعلها ثورة تقلق بريطانيا العظمى آنذاك وتستعين بخيرة قواتها من أجل قمعها.
إن أبرز الدروس المستوحاة من ثورة العشرين تتمثل في الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات والخطر الخارجي الذي يهدد البلد، ونرى أننا بعد قرن من هذا التوقيت، كيف تجلت الروح العراقية بكل أطيافها في مواجهة تهديدات ومخاطر التنظيمات الإرهابية، وكيف توحد الشعب العراقي للتصدي لها والانتصار
عليها.
لهذا نحن نحتاج لروح ثورة العشرين في عملية بناء الدولة العراقية وفي تعاملنا مع المخاطر التي تحدق ببلدنا، وأن تكون الوحدة في الموقف ومواجهة الخطر من الثوابت العراقية التي تعزز قيم المواطنة التي تجلت كما أشرنا بوضوح في ثورة العشرين وقادتها من رجال الدين وشيوخ العشائر وعامة الناس الذي التفوا، من أجل تحقيق هدف واحد هو تحرير العراق
من الاستعمار.