بساتينُ النخيل تستعيد عافيتها

ريبورتاج 2024/07/01
...

 نافع الناجي

سبع عشرة مليون نخلة في العام (2019) ازدادت إلى تسعة عشر مليوناً في (2020)، ليتجاوز العدد حاجز العشرين مليون نخلة، بحسب بيانات وزارة الزراعة، وسط توقعات بمواصلة الزيادة والسير باتجاه إيجابي نحو التطور، بعد أن كشفت وزارة الزراعة مؤخراً عن عددٍ من المشاريع الجديدة، ولاسيما النسيجية منها.

السادس عالمياً

وبالرغم من أن العراق يقف اليوم أمام بارقة أمل جديدة لاستعادة مكانته التي كان يشغلها لغاية سبعينيات القرن الماضي، إذ تبذل الجهود والمساعي بجدية من خلال بعض المشاريع التي دعمتها وزارة الزراعة والتي أسهمت بزيادة الإنتاج في الأعوام الثلاثة الأخيرة من (600) ألف طن إلى (735) ألفاً وصولاً إلى مليون طن من التمور سنوياً، وبنسبة زيادة 15-20 بالمئة عن العام 2019. 

غير أن ذلك لم يكن كفيلاً بالحفاظ على المراتب الأولى، لا سيما بعد إعلان الشركة العامة لتصنيع وتسويق التمور العراقية عن تراجع العراق إلى المرتبة السادسة عالمياً في إنتاج التمور، ليغادر قائمة الدول الخمس الكبار عالمياً في هذا المجال والتي اقتصرت خلال الأعوام المنصرمة على السعودية، مصر، الجزائر، إيران والإمارات. 


أسبابٌ ومسببات

المهندس الزراعي علي حسين فرحان، يقول: "حتى عهدٍ ليس ببعيد، كان العراق يتربع على عرش الإنتاج العالمي على مدار العقود الماضية، لأسبابٍ معروفة منها الحروب وعمليات تجريف البساتين والتمدد الجائر على المساحات الخضراء، فضلاً عن انتشار الأوبئة وضعف الدعم الحكومي وعدم قدرة المنتج المحلي على منافسة المحاصيل المستوردة".

وأضاف فرحان " خلال آخر 15 عاماً الماضية، شهد العراق انخفاض عدد نخيله من نحو 33 مليون نخلة إلى أقل من عشرين مليوناً، وقسم كبير منها غير مصنف ضمن النخيل النشط أو المنتج "، لافتاً إلى أهمية اعتماد خطط وبرامج علمية مدروسة بعناية، للإكثار من الزراعة النسيجية لأصناف النخيل ذات المردود التجاري الجيد كالزهدي وغيرها.


مزارع وبنوك وراثيَّة

جهود ومساعٍ كبيرة تبذل من خلال بعض المشاريع التي دعمتها وزارة الزراعة والتي رصدت لها مبالغ جيدة، حدثنا عنها الوكيل الأسبق للوزارة الخبير مهدي القيسي، بقوله "تم إنشاء ثلاثين محطة لزراعة النخيل كبنوك وراثية للأصناف المحلية كافة وبما لا يقل عن 500 صنف، كما تم استيراد فسائل النخيل النسيجية من الأصناف التجارية العالمية وعملنا على إكثارها وبيعها للمزارعين من أجل التوسعة بزراعة هذه الأنواع ضمن ستراتيجية طويلة الأمد لتحسين أصناف التمور".

ولفت القيسي إلى محاولات ومشاريع أخرى، شملت زراعة عشرين دونماً في نواحي: اللطيفية والزعفرانية ببغداد ومشاريع مماثلة في بعض المحافظات.


مزارع العتبات

وعلى خطٍ موازٍ ورديف، شكل توجه العتبات المقدسة في العراق لإنشاء مزارع للنخيل وسط صحراء كربلاء والنجف وأطراف بادية السماوة، نقطة لبداية الاعتماد على الإنتاج الزراعي المحلي وتوفير المنتجات الزراعية الوطنية التي تمتاز بجودتها، ومنها التمور ضمن مشاريع مزارع (فدك) و(المهندس) وغيرها. 

كما أنشئت أيضاً مخازن مبرّدة عملاقة لحفظ وتخزين التمور المنتجة بهذه المزارع وطرحها للاستهلاك المحلي في غير مواسم التمور المعروفة أو تصديرها لخارج البلاد.


صناعات مختلفة

يعتمد الكثير من الصناعات المحلية على منتجات التمور، فمثلاً هي تستخدم في صناعة الدبس والخل أو كأعلاف للحيوانات، لكن هذه البساتين تتطلع إلى الدعم وحمايتها ومكافحة الحشرات والإصابات التي تقتل منتجاتها وتصيب الفسائل بالأمراض المختلفة.

المزارع سعدون عبد الله، الذي يمتلك أكثر من  3 آلاف نخلة، دعا الجهات المعنية إلى مكافحة الحشرات  والأمراض التي تفتك بالمحصول وتقلل من نسبة الإنتاج، والتي كانت تعالج سابقاً بالطائرات المروحية والأدوية والمبيدات.

وأوضح "نحتاج إلى دعم الحكومة في الموسم المقبل بسبب نقص المياه وضرورة إيقاف إجراءات بيع البساتين وتجريفها وتحويلها إلى قطع أراضٍ سكنية". ولفت عبد الله إلى أهمية حماية المنتج المحلي ومحاربة الإغراق السلعي لتمور وافدة تضرّ بالاقتصاد الوطني والفلاح العراقي.

من جهتها كشفت زراعة المثنى، عن قرارات تفيد بعدم إدخال ونقل فسائل النخيل من محافظات أخرى والتأكد من عدم إصابة الفسائل، منعاً من دخول الآفات والأمراض إلى بساتين المحافظة، لما لها من أضرار اقتصادية كبيرة على بساتين النخيل.


الزراعة النسيجيَّة

المهندس الزراعي كريم حسين يؤكد الإقبال الكبير من قبل الفلاحين على الزراعة النسيجية، لأنها تحقق الكثير من الفوائد والسرعة والنوعيات الفاخرة مثل صنف المجهول، والشويثي وغيرها، علاوة على التوسع في زراعة البرحي وأصناف تتمتع بصفات جيدة وغلاء أسعارها في الأسواق وتحقق أرباحاً مجزية. 

وأشار حسين إلى أن العراق حقق الاكتفاء الذاتي وفائضاً يصدر إلى الأسواق الخليجية من التمور، وغالبية التصدير تتركز حول الزهدي الداخل في الصناعات الغذائية المختلفة.