كاظم الساهر شابٌ في الـ 67 من عمره

ثقافة 2024/07/03
...


سامر المشعل 



على الرغم من ارتفاع أسعار التذاكر التي تجاوزت 600 دولار، إلا أن الجمهور المصري حضر بالآلاف من مختلف المحافظات محتفياً بالساهر، الذي غنى على مدى ساعتين متواصلتين على المسرح، وقدم بعضاً من قصائد ألبومه الأخير، وظهر الساهر بالحماس نفسه وشبابية الصوت، فنسي وأنسى الجمهور أنه بلغ 67 عاماً، وأنه يقترب إلى عقده السابع، حتى أن إحدى المعجبات القادمة من الاسكندرية طلبت منه الزواج، بصوت مرتفع وأمام الملأ.

الساهر الذي أصدر ألبومه الجديد قبل أربعة أشهر، ما زال يحصد نجاحاته أينما حل، على الرغم من أن الألبوم ضم 13 قصيدة اختلفت عن نتاجاته السابقة، فهي تخلو من أسلوبه الذي اعتاد الجمهور عليه من ألحان تطريبية بمنحى شرقي وجمل تتسم بالخفة والرومانسية، إنما جاءت القصائد باشتغالات موسيقية عميقة وبأداء تعبيري أوبرالي. فهناك حوار آلاتي ينسجم وانفعالاته الأدائية والدرامية بخطاب غنائي موجه نحو الحبيبة التي هجرته وتركته فريسة ذكرياته وعذاباته، وبعض غنائه اقترب من الصوفية في المناجاة، ومع ذلك فالجمهور أحب الألبوم. كأن الساهر من خلال الألبوم أراد أن يرسل بعض الرسائل الخفية، إنه ما زال يحتفظ بشبابية صوته، على الرغم من أخاديد الشيخوخة التي أخذت تظهر على ملامح وجهه، فهو في أغلب القصائد يغني بجوابات عالية، فيها استعراض واضح لقوة صوته، بل أحياناً يغني بالصوت المستعار، فضلاً عن احتفاظه بعذوبة القرار.

النقطة الأهم أنه أخذ يطرح قصائد من العيار الثقيل ويفرض ذوقه وثقافته الموسيقية، من دون أن يساير أو يجامل رغبة الجمهور، أو مراعاة الجانب التسويقي للألبوم.

توشحت أغاني الألبوم بالحزن الثقيل، الذي يصل حد البكائية، فجميع موضوعات القصائد تتمحور حول الفراق والهجر والرحيل، ويبرر الساهر ذلك بأنه لحن الألبوم أثناء فترة وباء "كورونا" وابتعاد ولديه وسام وعمر عنه، ورحيل بعض الأصدقاء وآخرهم الشاعر كريم العراقي، كان السبب في ظهور الألبوم بهذا الحزن الثقيل، ولم يذكر رحيل زوجته السابقة التي رحلت بالعام 2022 وأعتقد كان لها الأثر الواسع من هذا الحزن وألم الفراق على الرغم من انفصالهما.

ومن الرسائل المهمة التي طرحها الساهر بالألبوم، أنه قلب المعادلة في العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة، فجعل الرجل بقصدية هو من يتذلل ويركع ويتوسل بالمرأة، كي يعيد العلاقة إلى مسارها الصحيح، مثلا في قصيدة " ياوفية " يقول " لا استحي لو بين قدميك ارتميت.. من قال لا يبكي الرجال "، وبذلك يكون الساهر قد انحاز إلى كرامة المرأة بخطابه الغنائي وهذا يفسر سر إقبال النساء عليه في حفلاته. من الملاحظات النقدية على الألبوم على مستوى البناء الموسيقي، أن أغلب القصائد لحنت على مقام النهاوند والكرد، وتسع قصائد وزعها موسيقياً ميشال فاضل. وهذا لم يخلق مناخاً من التنويع والتلون ووسم الألبوم بروحية متقاربة، لأنهما انساقا لجو القصائد التي تمحورت هي الأخرى بموضوعات متقاربة مشتقة من الهجر والفراق.