التشويش الروسي يضعف فعاليَّة الأسلحة الأميركيَّة المتطورة في أوكرانيا

بانوراما 2024/07/11
...

 إيزابيل خورشوديان 

وأليكس هورتون 

 ترجمة: أنيس الصفار

يفيد مسؤولون عسكريون أوكرانيون رفيعو المستوى، وكذلك التقييمات الأوكرانية الداخلية السرية التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” بأن العديد من الذخائر أميركية الصنع التي توجّه بالأقمار الاصطناعية في أوكرانيا قد اخفقت بمواجهة تكنولوجيا التشويش الروسية، الأمر الذي دفع بكييف إلى التوقف عن استخدام أنواع معينة من الذخائر التي يرسلها إليها الغرب بعد أن انخفضت مستويات فعاليتها. فقد أدت عمليات التشويش التي تمارسها روسيا ضد أنظمة توجيه الأسلحة الغربية الحديثة، ومن بينها قذائف المدفعية “إكسكاليبر” الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي {جي بي أس} ونظام المدفعية الصاروخية عالية الحركة (هايمرز) الذي يمكنه إطلاق صواريخ أميركية الصنع يصل مداها إلى نحو 80 كيلومتراً، إلى الحد من قدرة أوكرانيا على الدفاع عن أراضيها كما جعلت المسؤولين يبادرون لطلب مساعدة عاجلة من البنتاغون للحصول على تحديثات من مصنعي تلك الأسلحة.

قدرة روسيا على مقارعة الذخائر عالية التقنية لها تداعيات بعيدة الأثر على أوكرانيا وداعميها الغربيين – إلى جانب احتمال توفيرها خامة أولية يستفيد منها الخصوم مثل الصين وإيران – وهذا سبب رئيسي في تمكن موسكو من التقدم على أرض المعركة.

على سبيل المثال أن قذائف “إكسكاليبر” الأميركية انخفضت معدلات اصابتها للهدف انخفاضاً حاداً مؤخرا إلى ما دون عشرة بالمئة قبل ان يتخلى عنها الجيش الأوكراني، وفقاً لتقييمات كييف السرية. 

فقد تحدثت تقارير سابقة عن تفوق قدرات الروس الالكترونية، لكن الوثائق التي حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست تضمنت ايضاً تفاصيل لم يسبق ذكرها عن مدى نجاح التشويش الروسي في افشال الأسلحة الغربية.

توصلت تلك لتقييمات إلى أن تكنولوجيا “إكسكاليبر” فقدت قدراتها، وأضافت أن تجربة الساحة الأوكرانية قد فندت السمعة التي ذاعت عن هذا السلاح وكانت تقول: “كل رمية بهدف” .. وسيبقى الأمر كذلك لحين تمكن البنتاغون وصناع الأسلحة الأميركيين من معالجة المشكلة.


حيرة في واشنطن وكييف

قبل ستة أشهر، وبعد أن رفع الأوكرانيون تقاريرهم حول المشكلة، كان كل ما فعلته واشنطن هو التوقف عن ارسال قذائف “إكسكاليبر” نظراً لارتفاع نسب الفشل فيها، بحسب مسؤولين أوكرانيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن اسمائهم. لكن قنابل “جي دي أي أم” التي تلقيها الطائرات، نجحت الشركة المصنعة في ترقيع مشكلتها، وبذا تمكنت أوكرانيا من مواصلة استخدامها.

أعدت القيادة العسكرية الأوكرانية تقاريرها خلال الفترة ما بين خريف 2023 والربيع الماضي، وأطلعت عليها الولايات المتحدة والداعمون الآخرون على أمل التوصل إلى حلول وفتح أبواب التواصل المباشر مع مصنعي الأسلحة. ووصف المسؤولون الأوكرانيون العملية البيروقراطية بالبطء الشديد الذي قالوا أنه يعقد طريق التوصل إلى التعديلات المطلوبة على وجه السرعة لتحسين أداء الأسلحة الفاشلة.

وافق المسؤولون أن يجيبوا على الاسئلة المتعلقة بالتقييمات أملاً منهم بجذب الاهتمام إلى احتياجات الجيش الأوكراني، وقد تحدث عديد من المسؤولين الأوكرانيين والأميركيين الذي تمت مقابلتهم لغرض اعداد هذه المقالة بعد ان اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع.

كانت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” قد وضعت في حساباتها احتمال تمكن وسائل الحرب الالكترونية الروسية من التغلب على بعض الذخائر دقيقة التوجيه، لذا عملت مع أوكرانيا على شحذ تكتيكات وتقنيات فنية مقابلة، كما يقول مسؤول أميركي كبير، مضيفا أن روسيا واصلت التوسع في استخدام اساليب الحرب الالكترونية، مثلما يواصل الأميركيون تطوير وسائلهم ويحرصون على أن تمتلك أوكرانيا كل ما تحتاج اليه من قدرات فعّالة. وفند المسؤول الأميركي الادعاءات بأن البيروقراطية هي السبب في بطء الاستجابة. فالبنتاغون وصانعو الأسلحة كانوا يقدمون الحلول احياناً خلال ساعات او أيام، على حد تعبيره، لكنه لم يقدّم أمثلة على ذلك.

أما وزارة الدفاع الأوكرانية فقد صرحت في بيان لها انها كانت دائبة التعاون بانتظام مع البنتاغون كما كانت على تواصل مباشر مع صانعي الأسلحة.

قالت الوزارة: “نحن نعمل بتواصل وثيق مع البنتاغون، ففي حالة ظهور مشاكل فنية نبادر فوراً إلى إبلاغ شركائنا لكي يتخذوا الاجراءات الضرورية اللازمة لحلها في الوقت المناسب. شركاؤنا سواء الولايات المتحدة والدول الغربية يقدمون دعماً ثابتاً بناء على طلبنا، ونحن نتلقى منهم بانتظام توصيات تتعلق بتحسين أداء المعدات.

بقيت الذخائر الموجهة أميركية الصنع التي زودت بها أوكرانيا تعمل بنجاح ضمن خطها النموذجي حين أدخلت إلى الميدان في البداية، بيد انها غالبا ما تفقد كفاءتها شيئاً فشيئاً مع تكيف القوات الروسية لها، وبعض الأسلحة التي كانت تعد فعالة ذات يوم لم تعد توفر التفوق المنتظر منها.

في أي حرب تقليدية قد لا يواجه الجيش الأميركي المصاعب التي تواجهها أوكرانيا بفضل امتلاكه قوة جوية أكثر تقدماً ووسائل تصدّ الكترونية اشدّ قوة وفعالية، بيد ان قدرات روسيا تمكنت رغم ذلك من فرض ضغط شديد على واشنطن وحلفائها في الناتو دفعهم لمواصلة الإبداع والابتكار. 

يقول مسؤول عسكري أوكراني كبير: “لا أقول أن احداً لم يداخله قلق من هذا الأمر من قبل، ولكنهم الان بدأوا يقلقون حقاً. فبينما نتبادل المعلومات مع شركائنا يقوم الروس بالأمر نفسه مع الصين. وحتى لو لم يكونوا يشاركون الصين في ذلك فلا شك أن بكين ترقب عن كثب كل ما يحدث في أوكرانيا.” 


الاخفاق في ضرب الاهداف

أوجد الغزو الروسي لأوكرانيا ميداناً حديثاً لاختبار الأسلحة الغربية التي لم يسبق ان استخدمت أبداً ضد خصم يمتلك ما تمتلكه موسكو من قدرات للتشويش على الملاحة عبر نظام تحديد المواقع “جي بي أس”.

الابتكار سمة فعلية لأي صراع، وهذا يشمل حرب أوكرانيا، حيث ينشر كل جانب في الميدان التكنولوجيا والتغييرات المبتكرة للإيقاع بالطرف الاخر واستغلال نقاط ضعفه. يقول المحللون والمسؤولون أن الجيش الروسي كان بارعاً باستخدام فنون الحرب الالكترونية منذ سنين طويلة، وتطوير أنظمة أمسى باستطاعتها اليوم التغلب على اشارات وترددات المكونات الالكترونية، مثل نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس”، الذي يساعد على توجيه بعض الذخائر الدقيقة نحو أهدافها.

كان الأوكرانيون يحققون نجاحاً باستخدام قذائف المدفعية “إكسكاليبر” عيار 155 ملم، حيث كانت أكثر من نصفها تصيب اهدافها بدقّة حتى مطلع السنة الماضية، وفقاً لتقييم سري استند إلى ملاحظات بصرية مباشرة. لكن هذه النسبة تدنت مؤخرا إلى أقل من عشرة بالمئة ويشير التقييم إلى ان التشويش الروسي على نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس” هو سبب ذلك.

تلفت الدراسة النظر إلى أن عدد القذائف التي أطلقت في الفترات الأخيرة من الدراسة قد قلّ كثيراً ، وان أغلب هذه لم تدرج ضمن الملاحظات، الأمر الذي يجعل المعدلات الدقيقة للنجاح غير واضحة.

لكن حتى من قبل أن توقف الولايات المتحدة تسليم الشحنات كان المدفعيون الأوكرانيون قد أوقفوا إلى حد كبير استخدام “إكسكاليبر”، وفقاً للتقييم، بسبب كونها أصعب استخداماً مقارنة بقذائف الهاوتزر القياسية المعتادة، ولأنها تتطلب وقتاً أطول يذهب أثناء إجراء حسابات خاصة وعمليات برمجة. أما الان فقد نبذت بالمرة، كما يقول العسكريون الميدانيون.

يقول المسؤول الأوكراني الكبير إن كييف أطلعت واشنطن على هذه المعلومات لكنها لم تتلق رداً. ثم عاد الأوكرانيون فواجهوا تحدياً مشابهاً مع القذائف الموجهة من عيار 155 ملم التي أمدتهم بها دول غربية أخرى. بعض هذه القذائف تستخدم أنظمة توجيه اخرى مختلفة عن “جي بي أس”، لذا من غير الواضح ما هو السبب الذي أدى إلى أضعاف فعاليتها هي الأخرى. أما مسؤولو الدفاع الأميركيون فقد امتنعوا عن الرد على التأكيد الأوكراني.

قذائف المدفعية الدقيقة “إكسكاليبر” هي خير مثال معبر عن العديد من الاسلحة الأميركية، الباهظة الكلفة والبالغة التعقيد لكنها شديدة الدقة. استخدمت أوكرانيا هذه القذائف التي تطلق بواسطة أنظمة المدفعية الأميركية “أم 777” لتدمير اهداف مثل المدفعية المعادية والمركبات المدرعة من مسافات تتراوح ما بين 25 و 38 كيلومتراً.

يقول “روب لي” الزميل الأقدم في معهد أبحاث السياسة الخارجية، وهي مجموعة بحثية مقرها فيلادلفيا، ان استخدام روسيا فنون الحرب الإلكترونية لمجابهة الذخائر الموجهة كان تطوراً ميدانياً مهماً خلال السنة الماضية. فالعديد من الأسلحة، كما يقول لي، تكون ذات فعّالية عند أول نزولها إلى الميدان ولكنها تفقد قوة فعلها بمرور الوقت وهذا جزء من لعبة القط والفار التي لا تكلّ بين خصوم دائبين على التكيف والابتكار.

يقول لي إن مشاركة شركات الدفاع أمر ذو أهمية حاسمة للتغلب على وسائل الدفاع الروسية مثل التشويش.

يمضي لي موضحاً أن المشكلة هي كثرة عدد شركات الدفاع الغربية، مقارنة بصانعي الأسلحة الروس، يتمثل بعدم توفر نفس الدرجة من الشعور الملحّ بضرورة الاسراع. 


شبكة مكثّفة من التشويش 

تقول الوثائق ان شبكة أنظمة الحرب الالكترونية والدفاعات الجوية الروسية تهدد سلامة الطيارين الأوكرانيين، وتضيف أن بعض أجهزة التشويش الروسية قد تسببت بإرباك منظومة الملاحة للطائرات ايضاً. كما توصل التقييم إلى أن الدفاع الروسي كان مكثفاً إلى حد ان الطيارين الأوكرانيين لم تكن تتاح لهم فسحة من وقت يتحررون فيها من الشعور بأنهم تحت تهديد السلاح. 

توصل التقييم إلى أن المعالجات المتوقعة ستبقى، رغم كل المحاولات التي تبذل لإبطال التشويش، محدودة الأثر لحين تسليم الغرب طائرات “أف 16” النفاثة المقاتلة إلى أوكرانيا، لأن هذه الطائرات الحديثة ستسمح للقوة الجوية الأوكرانية ان تتصدى للطيران الروسي وترده، وبذلك تتيح الفرصة لاستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة ذات مديات أبعد وقدرات أعلى لتجنب بعض أنظمة الحرب الالكترونية.

قنابل “جي دي أي أم” التي تلقيها الطائرات ترينا مثالاً ثانياً على تراجع فعالية الأسلحة. فعند أول ظهورها مطلع شباط 2023 كانت هذه القنابل مفاجئة لروسيا، بيد أن معدلات نجاحها بدأت بالتراجع خلال أسابيع بعد الكشف عن عدم قدرتها على مقاومة التشويش، وفقاً للتقييم. خلال تلك الفترة أصبحت القنابل تخطئ أهدافها حتى من مسافات قريبة لا تتجاوز 20 – 500 متراً.وفقاً للوثيقة فقد ارسلت أوكرانيا ملاحظاتها حول مشكلة التشويش وقدمت ما لديها من معلومات بهذا الصدد، وفي أيار الماضي أعادت الولايات المتحدة ومصنعو الاسلحة تسليم أنظمة محسنة. كانت أنظمة التوجيه أكثر مقاومة، لكن القوات الروسية واصلت تصعيد اجراءاتها المضادة مؤخرا، وعادت معدلات الاصابة فهبطت إلى ادنى مستوى لها. بيد أن معدل الإصابة بوجه عام بقي أعلى من ستين بالمئة طيلة العام الماضي.

أما منصات إطلاق هايمرز فقد تلقت إشادة عالية خلال العام الأول من الغزو بفضل ضربها مستودعات الذخيرة ونقاط القيادة خلف خطوط العدو. لكن مع حلول العام الثاني، كما يقول مسؤول عسكري أوكراني ثانٍ رفيع المستوى، انتهى كل شيء حين أبطلت وسائل الحرب الإلكترونية التي نشرها الروس إشارات الأقمار الاصطناعية فأصبحت هايمرز عقيمة تماماً. يضيف المسؤول: “فقدان الفعالية هذا بلغ حد أن غدت هذه القنابل، رغم كلفتها الباهظة، تستخدم بشكل متزايد لضرب أهداف عادية ذات أولوية منخفضة.

لم تجرِ وثائق الجيش الأوكراني تقييماً لقذائف “أم 30” و”أم 31” الموجهة التي تطلق من قاذفات هايمرز. ولكن القيادة العسكرية الأوكرانية أصدرت مطلع هذا العام ورقة سياسية حثت فيها الداعمين الغربيين على طرح بديل: مثل الذخائر العنقودية من طراز “أم 26”، التي يمكن اطلاقها هي ايضاً من أنظمة الصواريخ متعددة الاطلاق. هذه الصواريخ غير الموجهة، ذات التكنولوجيا المنخفضة، قادرة على العمل رغم التشويش، كما ان الذخائر العنقودية الصغيرة يبقى باستطاعتها ضرب الأهداف ضمن رقعة واسعة حتى لو لم تكن الإطلاقة دقيقة التوجيه. لا تزال كييف تعتبر صواريخ هايمرز فعّالة، لكن التشويش الروسي من شأنه جعلها تخطئ الهدف ضمن مدى 15 متراً أو أكثر.

يقول المسؤول الأوكراني الأول: “حين يكون الهدف جسراً عائماً، على سبيل المثال، ويكون لديك انحراف بحدود 10 أمتار، فإن القذيفة سينتهي بها الأمر إلى السقوط في الماء.” يتم بثّ إشارات التشويش الروسية من على الأرض وهي ترسم منطقة تأثير مخروطية الشكل، وأي قذيفة تمر عبر هذه المنطقة، موجهة كانت أو طائرة، سوف تتعرض لخطر التداخل والتشويش.

تحدث احد قادة الأفواج، بعد اشتراطه عدم الكشف عن هويته، كيف أنه ارسل ذات يوم طائرة استطلاع مسيرة تحت ظروف ضباب كثيف خلال العام الماضي إلى منطقة باخموت كي يتمكن من متابعة ضربات هايمرز على موقع روسي. ووصف هذا القائد شدة ارتياعه وهو يرقب الصواريخ على الشاشة تخطئ أهدافها واحداً تلو آخر.


اجراءات مضادة

من الطرق التي يستخدمها الأوكرانيون عند تصديهم لعمليات التشويش الروسية استهداف انظمة الحرب الإلكترونية المعروفة بالطائرات المسيرة تمهيداً لاستخدام هايمرز، وقد أثبتت هذه الطريقة نجاعة في بعض الحالات.

يضيف المسؤول الكبير الأول: “في البداية لم تكن هناك مشاكل. كان الأمر بسيطا؛ حيث تصل الآلة فيضغط على الزر وتتحقق إصابة دقيقة. أما الآن فقد ازداد الأمر تعقيداً.” يمضي المسؤول مستطرداً: “يزود الأميركيون أنظمة هايمرز بتجهيزات اضافية تضمن تحديداً جغرافياً أفضل للموقع.” أحد الاسلحة الأميركية التي تستخدم عن طريق الطائرات هو القنبلة صغيرة القطر من طراز “جي بي يو 39”. أثبت هذا السلاح قدرته على العمل رغم التشويش، كما تفيد الوثائق السرية، حيث توصل التقييم إلى أن ما يقارب 90 بالمئة من القنابل التي ألقيت من النوع المذكور قد أصابت أهدافها.

تبين الوثائق أن المساحة السطحية الصغيرة لهذه القنبلة تجعل اكتشافها واعتراضها أصعب من قبل الأنظمة الروسية. استلمت أوكرانيا هذه الأسلحة الجوية لأول مرة في تشرين الثاني 2023، وهي شحنة لم يكن البنتاغون قد أعلن عنها من قبل.

أعيد تعديل قنابل “جي بي يو 39” كذلك لكي يمكن إطلاقها من الأرض باستخدام قاذفات هايمرز، وهو تطور يقول مسؤولو البنتاغون أنه سوف يرفع مدى المدفعية الصاروخية. بيد ان الأسلحة المعدلة، التي صارت تعرف بعبارة “القنابل صغيرة القطر التي تطلق من الارض” أو اختصاراً “جي إل أس دي بي”، اثبتت ضعف فعاليتها مقارنة بتلك التي تطلقها الطائرات، كما يقول المسؤولون الأوكرانيون. النسخ الأرضية هذه وضعت خضعت للاختبار في أوكرانيا، كما يقول احد المسؤولين، والان يعمل الأميركيون على اجراء تعديلات فيها قبل إعادة ارسالها.

مؤخرا، قال “وليام لابلانت” رئيس قسم المشتريات ضمن البنتاغون، أن الاسلحة المعدّلة لا تحقق النجاح المطلوب لأسباب عديدة، على حد تعبيره، ومن بين تلك الاسباب التشويش والمسائل التكيتيكية واللوجستية الأخرى. لم يفصح لابلانت أي الأسلحة يقصد، ولكن خبراء آخرين قالوا أنه كان يتحدث عن أسلحة “جي إل أس دي بي” تحديداً.

يقول لابلانت: “حين ترسل سلاحاً لأحد يخوض معركة من أجل حياته فإنه سيجرب ذلك الشيء مرة واثنتين وثلاث ثم يلقي به جانباً.”

يقول مسؤولون عسكريون أوكرانيون كبار أن صواريخ كروز التي تطلق من الجو، طراز “ستورم شادو”، التي ترسلها بريطانيا أقل عرضة للتأثر بالتشويش الروسي بسبب عدم اعتمادها بشكل كامل على نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس” بل على نظامين آخرين للملاحة، بضمن ذلك خارطة داخلية تطابق صور التضاريس اثناء طيرانها ضمن مسارها المقرر. رغم ذلك تمكنت الدفاعات الروسية من تحقيق النجاح باعتراضها.

حقق الأوكرانيون نجاحاً ايضاً لحد الان مع الصواريخ بعيدة المدى للنظام الصاروخي التكتيكي الذي قدمته لهم الولايات المتحدة، وهي صواريخ يتعدى مداها 300 كيلومتر، لكن الدفاعات الجوية الروسية ربما ستتمكن من استهدافها هي أيضاً.

حتى الأسلحة التي لا تزال فعالة داخل ساحة المعركة حالياً يتوقع المسؤولون الأوكرانيون أن ينحدر أداؤها على النحو ذاته في غضون عام.

يقول المسؤول الأوكراني الثاني: “سيتوصل الروس إلى كيفية مقارعتها، وعلى هذا النحو يعمل سباق التسلح.”


عن صحيفة “واشنطن بوست”