علي رياح
لا يمكن الإمساك بنتائج كرة القدم ووضعها في قالب أو سياق تاريخي يجري على نسق واحد، وبالطبع لن تكون أية قراءة تاريخية مُسبقة للأمس تمهيداً واجباً لما سيجري غداً، فمثل هذه الوقائع التي تدفع إلى استنتاجات مُحدَّدة قد تبقى أسيرة يومها وربما غير قابلة للتكرار.
أجدُ في هذا التمهيد ضرورة وأهمية قبل أن أدخل في صميم (الافتتاحيات) الخمس السابقة التي دخل بها العراق فعالية كرة القدم في الدورات الأولمبية ابتداءً من موسكو 1980 ووصولاً إلى ريو دي جانيرو 2016 حيث جاءت مشاركتنا الخامسة على مدى ستٍ وثلاثين سنة.
اللافت عند تتبع مَسار مبارياتنا الأولى في الدورات الأولمبية أنها كانت إيجابية على نحو أو آخر. في موسكو 1980 كتبنا في الحادي والعشرين من تموز، سطور لقائنا الأولمبي الأول في هذه الدورات بالفوز على كوستاريكا بثلاثة أهداف نظيفة أحرزها هادي أحمد وحسين سعيد وفلاح حسن.. بعد ذلك اكتملت مباريات مجموعتنا الرابعة وتحوّلت آمالنا إلى دور الثمانية قبل الخسارة الرباعية أمام المانيا الشرقية ومغادرة الدورة.
وفي لوس أنجلس بعد أربع سنوات، وعند الثلاثين من شهر تموز 1984، استهلّ منتخبنا مبارياته بالتعادل مع كندا بنتيجة (1-1) وكان هدفنا بإمضاء حسين سعيد، وفي النهاية لم نتمكن من عبور دور المجموعات بعد الخسارة الدراماتيكية أمام يوغسلافيا (2 - 4) بعد أن كنا متقدمين بهدفين لحسين سعيد وعلي حسين شهاب.
في سيول 1988، حضر التعادل أمام زامبيا في أول مباراة لنا عند السابع عشر من أيلول وبنتيجة هدفين لهدفين، سجل لنا أحمد راضي وكريم محمد علاوي، وبعد ذلك لم يكمل منتخبنا هذه الرحلة على خلفية الخسارة أمام منتخب إيطاليا (صفر- 2).
(الافتتاحية) الأروع على الإطلاق كانت في دورة أثينا 2004 حين اكتسح منتخبنا نظيره البرتغالي بأربعة أهداف مقابل هدفين يوم الثاني عشر من آب. أهداف عماد محمد وهوار ملا محمد ويونس محمود وصالح سدير صنعت لنا هذه الصورة البديعة، ثم واصل منتخبنا المشوار وصولاً إلى الدور نصف النهائي ثم اكتفى بالمركز الرابع وكان في إمكانه عملياً وواقعياً أن يحظى بوسام أولمبي.
ثم جاءت دورة ريو دي جانيرو 2016 والتعادلات الثلاثة المتتالية لمنتخبنا وكانت بدايتها مع الدانمارك في الرابع من آب وبنتيجة (صفر- صفر) وفي هذه المرّة أيضاً كان في وسع منتخبنا الانتقال من مجموعته إلى دور لاحق وهو الأمل الذي لم يتحقق.
خمس مشاركات سابقة لم يتعثّر العراق في مبارياتها الاستهلالية، وهي حقيقة تأريخية، أعيدُ الذاكرة إليها ولا أريد منها الوصول إلى أي استنتاج استباقي لمباراتنا الأولى بعد غد أمام أوكرانيا.. كل شيء مُتاح وقائم في كرة القدم، والمباراة وفق قراءتي الشخصية صعبة على منتخبنا، ولست أدري إلى أي مدى سينطبق سياق الأمس على واقع اليوم.. ذات يوم هزمْنا منتخب البرتغال في دورة أثينا ولم يكن في وسعنا أن نجد في تلك الدورة من كان يتوقع تلك النتيجة، لكنني يجب أن اعترف بأن منتخبنا كان يومها مُدجّجاً باللاعبين المُميزين ولا تصحّ المقارنة بين أولمبي 2004 وأولمبي 2024 مع التمني لمنتخبنا الحالي من القلب بأن (يعبث) بكل الحسابات المُسبقة ليخرج لنا بنتيجة مقبولة تستكمل هذا السياق التاريخي لمبارياتنا الأولمبية.. نتيجة التعادل على الأقل.