إبراهيم هلال العبودي
شهداء ثورة الطف الخالدة المجيدة هم أرفع من الأقوال وأكبر من الثناء بل يعجز اللسان ويجف حبر القلم من كثرة وصفهم والثناء على بطولاتهم ومواقفهم المشرفة في ميادين الكفاح والفداء، فارس من فرسان شهداء الطف الذي حمل كل مقاومات الفارس وقدم نفسه قرباناً لكي يسجل اسمه في سجل الخلود والفداء ليبقى خالداً مدى الدهور هو الهفهاف بن المهند الراسبي الأزدي البصري (توفي سنة 61 هـ) كان من أصحاب الحسين بن علي “ع”، خرج من البصرة إلى الكوفة عندما سمع بخروج الإمام الحسين عليه السلام إلى الكوفة خشية الفتنة والاقتتال لأنه يعلم أنَّ الحسين بن علي (ع) غادر وسُيقتل وإنْ تعلق بأستار الكعبة كما حدث بعده في وقعة الحَرة من قتل الصحابة ورمي الكعبة بالمنجنيق فسافر إلى الكوفة بعد أنْ دعاه زعماء الكوفة بطلب من عبيد الله بن زياد والي يزيد بن معاوية إلى العراق، والإمام الحسين (عليه السلام) يعلم بأنَّه سيقتل في أرضٍ يقال لها كرٌ وبلاء حيث علم جده (صلى الله عليه واله) محدثا ام سلمة عمَّا يصيب ولده الحسين (ع) قائلاً “قام من عندي جبريلُ قبل: فحدَّثني أنَّ الحسينَ يُقْتَلُ بشَطِّ الفراتِ مع ثلة من اهل بيته واصحابه».
كان الهفهاف بن المهنّد الراسبي الأزدي البصري فارساً شجاعاً بصريّاً، ومن أصحاب الإمام علي بن أبي طالب (ع). حضر معه حروبه الثلاث الجمل وصفين والنهروان. وفي صفين جعله أمير المؤمنين آمراً على قبيلة الأزد. وكان ملازماً له إلى أن قُتل. ومن بعده أصبح من أصحاب الحسن بن علي (ع)، ومن بعده صار من أصحاب الحسين بن علي “ع”. عندما بلغه بأنّض الإمام الحسين (ع) خرج من مكة إلى الكوفة، خرج من البصرة إلى كربلاء مخترقاً حصار ابن زياد للالتحاق
بالحسين.
عندما وصل الهفهاف إلى كربلاء كانت المعركة قد انتهت وكانت تتصاعد أعمدة الدخان من الخيام، وترفع الرؤوس على الرماح. فدخل على عسكر عمر بن سعد، فسأل عن أخبار الإمام الحسين والدخان الذي كان يشاهده. فلمّا سمع بقتل الحسين وهجوم القوم على الخيام انتضى سيفه وشدّ عليهم وهو يرتجز
ويقول:
أيّـها الجـنـدَ المجـنّد أنا الهفهـاف بن المـهنّد
أحـمـي عـيـالات مـحمّـد
ثم قتل منهم ما قتل، تقول الروايات التاريخية إنَّه قتل منهم جمعاً كثيراً وأُثخن بالجراحات، فحمل عليه جمع واحتوشوه، حتّى قتلوه. نُقل أنَّ الإمام زين العابدين أبَّنه وأثنى على شجاعته.