التنمية الشاملة أهم عوامل السيادة الوطنيَّة

آراء 2024/07/29
...

 وليد خالد الزيدي


بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن على التغيير في العراق يعتقد بعض خبراء السياسة والاقتصاد أن شكل الاقتصاد الوطني لم يستقر حتى الآن على هوية واضحة ومستقلة، وانعكس على شكل النظام السياسي وبرامجه التنموية المختلفة، اذا ما كانت بين الاشتراكية المزعومة في الماضي أو رأسمالية الحاضر في صورة صعبة التطبيق، فضلا عن وجود معوقات وتحديات مالية وسياسية وأمنية وإدارية، وحتى تشريعية فتأخرت كثيرًا عملية إصلاح الاقتصاد الوطني أو النهوض به.  لا بد من التسليم بأن اقتصاد أي بلد هو من يرسم الشكل السياسي، ويحدد توجهات نظام الحكم فيه ودرجة الازدهار أو الكساد ومديات التنمية أو التخلف وصور التقدم أو التراجع في مسيرته وتطور مجتمعه، وبالتالي استقراره العام والاستقلالية السياسية، التي ينشدها شعبه ففي حالة بلدنا فإن مسيرته كانت مليئة بالأخطاء التي ارتكبها النظام السابق والتحديات والتقلبات، بدءًا من حقبة الثمانينيات والحرب غير المبررة الطاحنة مع إيران التي استنزفت خزائنه، وألقت بظلالها على الأداء الاقتصادي، مرورًا بحرب الخليج الثانية التي خلفت خسائر فادحة طالت القوى البشرية الهائلة ومئات مليارات الدولارات، وما تلاها من حصار وتحكم خارجي في موارد النفط العراقي، ما اضعف البلد في النهوض بحاجات أفراد الشعب. الظروف القاسية التي أثرت بعمق في جسد الاقتصاد العراقي، كانت ماثلة في بلدنا حتى فترة قريبة بعدما أخذت تعيق مساعي النهوض والتطور، ولكن أمام هذا الواقع وتلك التحديات شرعت الحكومة الحالية في مرحلة جديدة من الإصلاح والتنمية الاقتصادية، حيث تجلّى تأثيرها الواضح في برامج تنموية متعددة، لا سيما في إجراءات الحد من استنزاف خزينة الدولة وإيقاف هدر الأموال التي تقع تحت طائلة الفساد المالي وتدهور القطاعات الحيوية، كالصناعات الإنتاجية والخدمية، التي كانت شبه متوقفة وتمثلت مبادرات الحكومة حاليا بطرح مشاريع تتصف بأنها استراتيجية تنموية، لكي تسهم في إحداث نقلة نوعية في قطاعات عدة، ومن شأن ذلك يقلب بوصلة الأحداث بعد أن كان العراق يعتمد على القوى الاقتصادية الكبرى وربط مصيره بالإرادات السياسية الدولية والتجاذبات العالمية، لتكون التنمية الوطنية الشاملة أهم عوامل الاستقلال السياسي للعراق وتنوع سلاسل الإنتاج وتعدد مصادر القوى الوطنية واعتماد الاستثمار الأمثل للطاقات العراقية البشرية والمادية، ما يوفر تكاملا واضحا بين قطاعات الإنتاج والخدمات المختلفة، ويجسد نموذجا دوليا للدولة المتكاملة السيادة. إن تنفيذ أولويات البرنامج الحكومي انطلقت من الملفات المتعلقة بالتنمية والجوانب الاقتصادية، والنظر في تقوية القرارات التي تلامس السيادة الوطنية، وحفظ قوة الدولة وهيبتها، واتخاذ القرارات بشأنها واهمها ما يتعلق بافتتاح مصانع كبرى خاصة بشركة الصناعات الحربية، وإشراك القطاع الخاص الوطني في تلك المسألة، من خلال استيراد وتشغيل خطوط إنتاجية مهمة في تلك التخصصات، التي تكاد أن تكون حالة فريدة في المنطقة، والتشديد على رفع الإمكانيات الوطنية، بدعم قطاع الصناعة الحربية وتشجيعها، وعدم ربط قرار الدفاع عن السيادة الوطنية بيد أطراف دولية أخرى، ليعتمد مجالا الأمن والدفاع على ما متوفر لدى هيئة التصنيع الحربي، واعتباره عاملاً أساسياً من عوامل تحقيق السيادة الوطنية حاضرا 

ومستقبلا.