المخترعون وما يخترعون

آراء 2024/07/29
...

 عبد الزهرة محمد الهنداوي


المخترعون علماء، وبراءات الاختراع والنماذج الصناعية في كل دول العالم، تمثل نوافذ علمية لجهة تطوير الواقع التنموي بجميع قطاعاته الصناعية والزراعية والتعليمية والطبية. الخ، ذلك لأن براءات الاختراع، إنما هي خلاصة مركزة للكثير من التجارب، وهي بذلك تختصر لنا الكثير من الجهد والوقت والمال، باتجاه التطوير والتحسين للواقع، والأكثر من ذلك أن تلك البراءات، باتت تمثل مرتكزا مهما من مرتكزات تحقيق أهداف التنمية المستدامة بمفهومها الواسع والشامل.  وفي العالم يعود الفضل في الكثير من الاكتشافات العلمية، التي غيرت مجرى حياة الشعوب، إلى مخترعين ومبتكرين توصلوا إلى ما توصلوا إليه من نتائج، جرى استثمارها، وتحويلها إلى ثورة في الواقع وثروة للأجيال.  وفي بلدنا، لدينا من براءات الاختراع والنماذج الصناعية الكثير، ويعد العراق من أوائل بلدان المنطقة التي بدأت بتسجيل ومنح شهادات البراءة، وهناك الآلاف منها، ومن النماذج الصناعية المسجلة لدى الجهاز المركزي للتقييس. وعندما نتحدث عن مثل هذا العدد الكبير من البراءات والنماذج، فإن هذه الاكتشافات غطّت كل جوانب ومسارات التنمية، ولكن، هل جرى أو يجري فعلا استثمار هذه الثروة لتحقيق الثورة الموعودة؟ أعتقد إلى الآن، ما زال الاستثمار في البراءات خجولا ومتواضعا، وباستثناءات بسيطة، فان اغلب تلك البراءات ما زالت تستقر في الرفوف العالية بانتظار من يترجم أفكارها إلى مشاريع تنموية فاعلة، ومن المؤكد أن بعضا من هذه البراءات ليس من السهولة بمكان ترجمتها إلى واقع عملي، لأنها بحاجة إلى إمكانات هائلة، ومثل هذه الإمكانات غير متوفرة، إنما في المقابل، توجد براءات أخرى، بالإمكان تحويلها إلى مشاريع من خلال تبنيها من قبل هذه الجهة أو تلك.  إن إجراءات الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية لوحدها غير كافية، فالقضية تحتاج إلى جهد مشترك من القطاعين العام والخاص، لاستثمار ما يمكن استثماره من براءات الاختراع، ويمكن أن يكون لمنتدى المخترعين العراقيين، التحرك المنهجي باتجاه دفع مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة إلى الاطلاع على البراءات غير المستغلة، كخطوة أولى، ومن ثم الذهاب باتجاه الخطوة الثانية وهي الاستثمار، ولتحقيق ذلك فإن الأمر يتطلب اتخاذ بعض الإجراءات الأساسية، من بينها مثلا إقامة المؤتمرات بهدف الترويج للبراءات المهمة القابلة للاستثمار، وكذلك، الترويج الاعلامي عن تلك البراءات، لكي يتم الاطلاع عليها من قبل المهتمين بهذا الشأن، فإن مثل هذه الخطوات يمكنها أن تؤسس لثقافة تنموية جديدة عنوانها الاستثمار في براءات الاختراع، كما أنها ستشجع كثيرا المخترعين نحو المزيد من الاختراعات الجديدة 

المهمة.