خالد جاسم
اعتادت الأندية والمنتخبات الوطنيَّة في لعبة كرة القدم على وجه التحديد أن تضع نفسها في الزوايا الصعبة وأمام منعطف الاحتمالات العسيرة وهي تخوض غمار هذه البطولة أو تلك برغم وجود استثناءات عدَّة بالطبع عن قاعدة عنق الزجاجة التي أدمنت فرقنا ومنتخباتنا العيش فيها والتجارب والأحداث كثيرة هنا ولا يسع المجال لذكرها الآن، خصوصاً أنها باقية حية في الذاكرة الكروية. وآخر زبائن عنق الزجاجة من فرقنا- وهو ليس الزبون الأخير بكل تأكيد- هو المنتخب الأولمبي الذي عليه إدراك الفوز على شقيقه المغربي في مواجهة الفريقين اليوم في نيس الفرنسية، في خاتمة مواجهات الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الثانية في أولمبياد باريس التي تشهد كذلك مواجهة الأرجنتين وأوكرانيا. ومع وقوع المنتخبات الأربعة في المجموعة في مأزق التساوي برصيد النقاط بعد فوز كل منها في مباراة وخسارة مباراة أخرى فإنَّ سلاح الفوز ولا خيار سواه سيكون الشفيع الوحيد لكل منتخب يريد التأهل إلى الدور الربع النهائي، وهنا تكمن المعضلة التي يشعر بمرارة تفاصيلها مدربو هذه المنتخبات التي لم نشاهد في مبارياتها حتى الآن ما يشير إلى تفوق كبير وحاسم لدى كل منها على صعيد الأداء الفني مع الاعتراف واقعياً أنَّ أولمبينا هو الأضعف بينها فنياً وهي حقيقة لا يختلف عليها اثنان. هنا قفزت أمامي بضعة سطور مشجعة جداً تحدث فيها مدرب فريقنا راضي شنيشل عقب الخسارة مع الأرجنتين عندما عبر عن ثقته بقدرات لاعبيه ومقدّراً ما قدموه من عطاء مع تعبيره عن الثقة في إمكانية تجاوز العقبة المغربية والتأهل إلى الدور التالي. وأعتقد أنَّ كلام شنيشل ينطوي ليس على واقعية صريحة بل وربما يعكس صورة منطقية لواقع ما حدث وسوف يحدث في مواجهة اليوم بكل ما تحمله من صعوبة وفقاً لإمكانات المنتخبين الشقيقين كما لا يمكن في منطق كرة القدم الرهان على المقارنات المسبقة أو حسبة التوقعات على الورق بقدر الاتكال على ما يقدّمه اللاعبون في الميدان وحسن قراءة المدرب لمجريات اللعب وتدابيره الفنية.
وبرغم بعض مؤشرات التفاؤل التي تذهب في اتجاه تجاوزنا العقبة المغربية، وفي ظل عدم الركون إلى منطق الفوارق الفنية والبدنية بين المنتخبين، إلا أنَّ الجوانب النفسية والمعنوية تكاد تكون في صالح منتخبنا بشكل كبير لاعتبارات عدّة منها الثقة العالية والحماسة الكبيرة التي يتسلح بها لاعبونا بعد إدراكهم ما مطلوب منهم لكن يبقى الحذر قائماً واللعب بمنطق الفوز كخيار وحيد برغم ضرورته بل وحتميته كخيار لابديل عنه يجب ألّا يدفعنا إلى التخلي عن احترام قدرات الخصم أو الاستهانة به، ذلك أنَّ نتيجتي مباراتينا السابقتين صارتا في عهدة الماضي، والتفكير والعمل والتدبير في ظروف مواجهة اليوم صارت أمراً مختلفاً تماماً ولا سيما أنَّ منتخب المغرب هو فريق رصين وقوي جداً، مع أنَّ كل هذه العوامل ومن دون التفلسف في الأمور الفنية التي بات كل متابع من جمهورنا مدركاً لها وفاهماً تفاصيلها هي ليست بالخافية عن ذهن مدرب منتخبنا الذي وضع في حساباته بكل تأكيد من أين تؤكل أكتاف المغاربة عبر استغلال نقاط الضعف في أدائهم وتوظيف مكامن القوة لدى لاعبينا بطريقة تجرد الخصم من خطورته أولاً والضغط المبكر والمتواصل عليه من أجل تحقيق التفوق الذي لن يأتي بسهولة بقدر ما يبذله اللاعبون من مجهودات استثنائية مطلوبة في لقاء اليوم الذي يودع فيه الخاسر البطولة ويحزم حقائب الرحيل إلى بلاده.