ذكرى احتلال الكويت.. جرح لم يلتئم

آراء 2024/08/05
...

سعد العبيدي

في الأيام الأولى من آب وبالتحديد في الثاني منه للعام 1990، ارتكب صدام حسين أكبر حماقة سياسية وعسكرية وأخلاقية في تاريخ العرب والمسلمين، وهي احتلال الكويت وضمها كمحافظة لباقي محافظات العراق الثماني عشرة. وما نتج عن ذلك من كوارث على أهل الكويت الذين لم ينسوا ما حدث لهم، ولا يريدون نسيانه حتى يوم الدين. وكذلك على أهل العراق، جيرانهم وأبناء عمومتهم، الذين ابتلوا منذ ذلك اليوم بوقائع الفوضى والاضطراب والفقر والتخلف وعدم الاستقرار، التي استمرت متوالية إلى هذا اليوم. وأيضاً على المنطقة العربية بأسرها من الخليج إلى المحيط، حيث أصبحت في حالة من التشتت والارتباك والوهن، مما مهد لإسرائيل وأمريكا الانفراد بها واللعب عليها من طرف واحد، لعباً متواصلاً حتى هذا اليوم.
إنها حماقة، ليس من الصواب وبعد كل هذه السنوات العودة إلى فتح جروحها من جديد وهي لم تلتئم بعد، وليس من الصواب أيضاً نسيانها كفعل خطأ دمر البلاد وأعادها إلى الوراء لمئات السنين من قبل أجيال ابتعدت عن وقع حصولها زمنياً، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن بقاء الأثر في الذاكرة يساعد على الاتعاظ وعدم تكرار الخطأ، في ظل عالم مليء بالأخطاء والسلوك المتطرف والبيئات المضطربة التي تغري الحمقى على المجازفة وارتكاب
 الأخطاء.
إن أصل الحماقة التي ارتكبت في التاريخ المذكور يعود إلى طبيعة صدام حسين الحمقاء المغلفة بالثورية الحزبية، التي دفعته إلى المجازفة بارتكابها دون التحسب المنطقي للنتائج والآثار. ولأن الحماقة الثورية منها على وجه الخصوص طبيعة موجودة عند البعض من العاملين في حقل السياسة، أخذتها الديمقراطيات الصحيحة بنظر الاعتبار، ودفعت باتجاه القرار الجماعي، ووضعتها الشعوب المتحضرة نصب أعينها وثقفت الأبناء صوب التوجه، لانتخاب الشخصيات السياسية السوية نفسياً أي غير الحمقاء.
وختاماً يمكن القول إنها ذكرى وإن مرت عابرة، يفترض أن تكون دافعاً لاتعاظ شعوبنا في المنطقة، والتوجه إلى إنتاج ديمقراطية صحيحة، لا مكان فيها للثوريين الحمقى.