علي الباوي
صدمة جديدة تلقيناها في أولمبياد باريس تمثلت بالمشاركة الهزيلة فضلاً عن النتائج السيئة التي عدنا بها إلى الوطن.
الغريب في الأمر أن الأولمبياد تظاهرة عالمية فريدة وكل الدول تسعى لأن تمثل نفسها فيها وتعدُّ العدّة لذلك إلا العراق الذي دائماً ماتعتريه المشكلات ويتثقب جسده بالخسارات.
فمنتخبنا الأولمبي ذهب وعاد بخفي حنين، وأحدهم من الجانب الآخر تعاطى المنشطات وإذا مررنا بفضيحة الافتتاح وماظهر عليه الوفد العراقي المشارك فهذه طامّة كبرى تستحق أن نشعر معها بالآلاف من علامات الاستفهام!
مع كل التفاؤل الذي اعترانا منذ بطولة خليجي 25 وإلى الآن، يبدو أنه مهدد بالكثير من المعرقلات فمجتمعنا الرياضي ممزق والغايات الشخصية تعلو على المصالح العامة، والنزاعات مع التسقيط الإعلامي مع الفوضى التي تضرب كل الأركان لايبدو أن هناك أملاً في أن تكون الرياضة العراقية واجهة يعتدُّ بها.
أحلامنا يمكن لها أن تذهب أدراج الرياح في دقائق وآمالنا يمكن أن تتقطع بها السبل وتذروها الرياح.
الغريب أننا نتكلم عن وجه العراق عن اسم البلد وهذا للأسف لايبدو متحققاً إلا في الماضي ولايمكن له أن يتحقق في المستقبل مادمنا على هذا التمزق ومصالحنا الشخصية هي السائدة.
قيل الكثير والكثير عن المدرب راضي شنيشل الذي نحن كرياضيين لانسمح بالمساس بوطنيته وأمانته، والرجل إن أخفق فهذه مسألة فنية يمكن معالجتها لكن أن يقوم الجمهور بمهاجمته بألفاظ نابية فهذا أمر بعيد عن الأخلاق وعن التربية الرياضية الحقَّة والأمر نفسه ينطبق على لاعب الجودو الذي عرَّض البلد إلى فضيحة مدوِّية بتعاطيه المنشطات.
هناك خلل جسيم ياسادة في بنيتنا الرياضية والفنية وحتى الأخلاقية، لماذا كل هذا التخاصم ولماذا كل هذا الانفعال والتسقيط؟ بينما يفترض بنا إعطاء ملامح صافية لتماسكنا الوطني والانتصار على الظروف الصعبة التي مررنا بها لاأكثر من عقدين.
لقد حققنا الكثير في خليجي 25 ولكننا أضعنا الكثير في أولمبياد باريس، ماكان علينا الكيل بمكيالين وتفضيل كاس العالم على الأولمبياد وماكان يجب ترك الأمور مهلهلة وغير محسومة وغير مدعومة.
إن الرياضة من أهم وسائل التواصل مع الشعوب وهي بموازاة الدبلوماسية العراقية الخارجية فلا يمكن الاستهانة بها وتعريض سمعة العراق للخطر.
نحن بحاجة إلى مدارس رياضية تربوية تأخذ بيد النشء الجديد وتثقفه وتعلمه وتدربه لكي يكون أهلاً لتمثيل العراق لا أن نضع خططاً قصيرة الأمد تمجِّد هذا وتعظِّم ذاك، المسألة ليست شخصية ولا أن يأتينا أحدهم من الغمام فيطوِّر رياضتنا بجرَّة قلم رياضتنا تحتاج إلى بناء إلى مدارس تربوية عملاقة تكون قادرة على تثقيف الناشئة والعناية بصحتهم العقلية والبدنية وتنمية حب الرياضة لديها لتكون أساساً لمستقبل رياضتنا.
درس الأولمبياد كان قاسياً بشدة ودلَّ على أن الشخص الواحد والمفكر الواحد ليس ناجحاً في مسك كل الكرات بيد واحدة، علينا التفكير في الأسس البنَّاءة وعدم المغامرة باسم العراق.