إمبراطوريَّة وإمبرياليَّة

آراء 2024/08/07
...

طالب سعدون

لم تلتق (الامبراطورية) السوفيتية والامبريالية الامريكية على مدى تاريخهما الطويل أو كانتا على وئام.. بينهما حرب وان كانت باردة لكنها كانت قوية شملت مختلف المجالات والتنافس المحموم بينهما كان على أشده.. كانت الحرب الباردة سمة لمرحلة سيطر فيها القطبان على العالم وانقسم بينهما.
كانت حربا حقيقية وان خلت من قعقعة السلاح لكنها سلكت طرقا أخطر، لان الحرب العسكرية لها زمن طال أم قصر وتنتهي اما الباردة فمزاجها طويل ووسائلها كثيرة ليتقدم أحدهما على الآخر أو يسقطه.
انتهت هذه الحرب بانهيار احدهما وتفككه وجاء (بوتين) حاكما لا يخفي هدفه بان يعيد مجد (الامبراطورية ) فدخل في حرب عسكرية علها تختصر له الطريق في عودة ( الامبراطورية )، التي كانت تعد اكبر دولة في القرن العشرين ( 15 جمهورية سابقا )، لكن فات بوتين أن الحرب العسكرية خسائرها كثيرة وربحها غير مضمون وقد جمعت عليه الغرب فدخل معه في حرب لا تزال مستمرة قد تستغرق زمنا اطول مما مضى، لم يدر في خلده أن يكون بهذه المدة، ناهيك عن ظهورا قطاب جديدة سبقته كثيرا وعمالقة بالاقتصاد والتكنولوجيا والعلم وغيرها.
كان قادة الاتحاد السوفيتي بدءا من ستالين ومرورا بخروشوف وبريجينيف و شيرنينكو، كانوا مسنين ولم يتركوا السلطة الا بالموت ولم يتيحوا فرصة للشباب، ولم يسمحوا ببناء الخط الثاني في القيادة.. فكان النظام فاقدا للحيوية كما هي اجسادهم المتعبة بسبب العمر ولذلك عندما جاء غورباتشوف، وهو أقل عمرا منهم لم يتمكن من منع الانهيار، الذي حصل على ايديهم فانهار الاتحاد السوفيتي بسرعة.. فتصرفت امريكا على انها القطب الأوحد دفع العالم خسائر كبيرة لهذا الانفراد.
والولايات المتحدة الامريكية تمر الان بالمرحلة العمرية التي مر بها الاتحاد السوفيتي.. الآن يحكمها بايدن ( 82 ) عاما وهو يتعثر في خطاه واحاديثه وسلوكه في الاماكن العامة، سلوك ضعيف يبعث على الغرابة كما حصل في المناظرة التي جمعته مع ترامب، وبدا فيها مرتبكا وفاقدا لتسلسل افكاره متفوها بجمل وافكار لم تكتمل مما شجع ترامب على مهاجمته بقوله ( حقا لا اعرف ما قاله في نهاية تلك الجملة.. لا اعتقد انه يعرف ما يقول ).. كما بدا في مواقف يأخذه النعاس أو (غفوة ) قصيرة كما حصل في قمة المناخ وسقوطه على خشبة المسرح أثناء توزيع الشهادات في حفل عسكري، ولم ينقذه من هذا التداعي الخطير العثرات الكثيرة التي اشرنا إلى بعضها غير الانسحاب من الترشيح للانتخابات، ليكون أول رئيس يتنحى عن الترشيح لولاية ثانية منذ ليندون جونسون في عام 1968. ويبدو ان انسحابه ليس تنحيا من تلقاء نفسه وانما بضغط من كبار الديمقراطيين والمشرعين والمانحين والاصدقاء والمقربين.
وترامب ليس أحسن حالا في العمر ( 78 ) عاما واذا ما حالفه الحظ، فسينهي ولايته الثانية وهو بعمر بايدن ( 82 ) عاما وبهفواته وعدم السيطرة على افكاره وكلماته ووضعه الصحي، وان كان يبدو بصحة وعافية، لكنه حكم العمر أو يلقى مصيره المحتوم الموت وهو مسألة طبيعية بهذا
 العمر..
ومن سوء حظ ترامب انه سيكون في مواجهة مرشح اصغر منه سنا ( هاريس 59 عاما ) نائبة بايدن، قد يعيد هفوات ترامب ( العمرية)، حيث غالبا ما يخلط الاسماء وتبدو تصريحاته غير متماسكة أيضا ومصاب بغرور ومغامرة يمكن أن يصلح في الآمال التجارية وليس في الحكم.