علي حنون
أغلب تقاطعاتنا في الرؤى عندما نأتي على موضوع يتعلق بضرب من ضروب الرياضة ولاسيما في كرة القدم كونها أصبحت العنوان الرئيس للرياضة العراقيَّة بعدما (جرفت)- بجماهيريتها- ألباب وأفئدة حتى أصحاب القرار إلى ملعبها، نقول إنَّ أغلب خلافاتنا الفكرية كما أسلفنا تطل علينا من باحة عدم إيماننا بما نعتقد، بمعنى أننا لا نُريد- مع يقيننا به- أن نُصدّق أنَّ واقع كرتنا لم يعد يُسعفنا في أن نرتقي إلى المستوى الفني، الذي بلغه على سبيل المثال المُنتخبان المغربي والمصري في منافسات كرة القدم في أولمبياد باريس، وإذا ما بقينا نتعاطى مع الحال بهذه الكيفية، يقيناً لن نبلغ مكانتهما قريباً.. جميعنا أعلن، جهاراً نهاراً، قُبيل الكرنفال الفرنسي أنَّ مُنتخبنا الأولمبي لن يُحقق أكثر من الذي ناله، ومع ذلك أطلقنا العنان لغضبنا وسمحنا له بأن يأخذنا بعيداً دون أن نمنح أنفسنا فرصة لـ(إنعاش) ذاكرتنا لاستعادة ما كنا نتوقعه سابقاً، حتى أصبحت تناقضاتنا رفيقة تفكيرنا وهي من تتحكم ليس فقط بمشاعر وعواطف الجماهير، وإنما حتى في تقييم المُتابعين والمعنيين!.
ولم يعد مُستغرباً أن نجد في الرياضة، التي تتباهى بها الناس على أنها وسط نقي وجميل، أن نقف فيها على الرياء والنفاق والشخصنة في التقييم وفي المُؤازرة وعدم الإيمان برأي يُؤطره الإنصاف، حتى أضحت الاستعانة بالمصالح الشخصية لتسجيل وجهة نظر بحق مدرب أو منتخب تُزكم الأنوف، فأمسى من له حظوة ومُحيطون- وفق ذلك- لا يقترب أحد من حدود انتقاده ويَغدو (خطاً أحمر) ليس لك الاقتراب من فضائه وعند التعرض له ستنبري خطوط الدفاع- تلقائياً- بالتصدي لك وهي غالباً ما تفعل ذلك إما لمنصب المُنتقَد أو الخجل منه أو المُحاباة أو الاستفادة منه أو نكاية بآخر، إلا ما رحم ربي، فيما يُركز السواد الأعظم على الحلقات الضعيفة ويُهاجمونها دون هوادة ولا رحمة، مع أنهم يَعون أنها نتيجة وليست (سبباً)، لذلك تَلوّث وسطنا وسُرّحت فيه المهنية، التي أضحت عملة نادرة ليس من اليسر العثور عليها، وهو أمر مُحبط جداً!.
لقد صار الانتقاد كالفيروس لا يُهاجم إلا الخلايا الضعيفة، أغلبنا يعرف خافي الأمور وظاهرها لكنه يصبّ جام غضبه على مدرب أو لاعب ويُزكّي- في ذات الوقت ظلماً- آخرين اعتماداً على مُوجبات أوجدها لنفسه، فتراه يُسلط الضوء هنا ليُسوّق لأمر ويُبعد الضوء من هناك ليُخفي أعظم، ولنا في مُشاركتنا في أسوأ نسخة أولمبية من حيث التنظيم والأجواء الأخرى، (برهان) ودليل، حيث تُركت كل الأمور جانباً وذهبنا للإيغال في طعن (المنتخب الأولمبي) مع أنَّ حاله تعكس حقيقة مستوى كرتنا وواقعها، الذي (نُكابر) ونهرب منه، ولسبب عنوانه مصلحة الكرة العراقية وخافيه (يفضحه) المثل الدارج (مكروهة وجابت بنية)، لذلك لا تصدقوا كل ما تطلقه أفواه من يطل عليكم ولا كل من يكتب في باقي المنصات، واحتكموا إلى عقولكم وأفئدتكم، عند الركون إلى رأي، وإذا اقتنعتم أنَّ الجهاز الفني لم يكن مُوفقاً فهو كذلك، وإذا وجدتم أسباباً أخرى فهو أيضاً رأيكم، لكن لا تعتمدوا في بناء آرائكم، على رؤى ووجهات نظر أخرى تأتيكم (مُسلفنة) ومُلغّمة بغايات مُوجّهة.