التكنولوجيا المعاصرة وعالم الورق

آراء 2024/08/14
...

  إبراهيم سبتي

قبل أيام كنت أُراجع دائرة معينة تابعة لإحدى الوزارات، بقدر ما أعجبتني طريقة التعامل اللطيفة والودودة من قبل الموظفين، وتقديم التسهيلات الممكنة لإنجاز المعاملة والطريقة المبسطة في الإجراءات، بقدر ما تعجبت عن ما رأيته في تلك الدائرة ذات النشاط الدؤوب والزحام من المراجعين، من أن الأسلوب المستخدم لإنجاز معاملات المواطنين ما زال يدوياً

 وباستخدام السجلات الورقية والملفات والأضابير في البحث عن معلومات المواطن، كي تبدأ سلسلة المراجعات التي كانت ميسّرة إلى حدّ ما. إلَّا أن منظر العمل اليدوي واستخدام الملفات الورقية والسجلات لتدوين المعلومات، بصراحة كانت مؤلمة في زمننا هذا، وقلت في نفسي ماذا لو استخدموا الوسائل التقنية الحديثة في عملهم؟ سيكون بالتأكيد تحولاً نحو الأمام وتتخلصون من هذا الجهد والزحمة والبحث في الأوراق، التي ستغادرونها للأبد! إن تلك الدائرة الحكومية التي راجعتها، لو استخدمت التقنية المتطورة الحديثة في إجراءاتها اليومية، سوف تتحقق أهم عناصر المراجعة بالنسبة للمواطن، وهي السرعة والدقة في العمل. مما يؤدي إلى نسيان عملية التأخير واعتبارها من الماضي، ناهيك عن توفير المراجعات المتكررة والاعتماد على التقنية، التي ستتحكم بكل التفاصيل لأنها لا تحتاج إلى تكرار في الحضور.. إن استخدام الأتمتة في الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ستعمل وبكل حرص على السرعة في الإنجاز ويمكن لها أن تتعامل مع أكثر من ميزة في وقت واحد، خاصة أن احتاجت بعض الحالات إلى البحث والتمحيص، ومن ثم الدقة في الانجاز وتسهيل سير المعاملة، ما يقلل من التأخير والتراكم والترهل، الذي يصيب بعض الدوائر، التي يصيبها الجهد والملل جراء كثرة المراجعين. لذا كان من الضروري مواكبة العصر التقني الراهن، وهذا الكلام بصراحة لا ينطبق على جميع مؤسسات الدولة والوزارات، مع أن اغلبها تتسابق، كما رأينا في إدخال التكنولوجيا في العمل، الذي بدأ يأخذ مسارات جديدة بالتأكيد ستؤدي إلى تحسين أساليب العمل وتقديم افضل الخدمات، وقد لا ننسى الكفاءات والمهارات، التي تكدح جاهدة بكوادرها الشبابية وغيرها، من أجل التميز في العمل.. إن عصرنا الحالي هو عصر التقنية الانفجارية السريعة والتي لا يمكن اللحاق بها، فمجرد ما يستخدم برنامج أو تطبيق في عمل ما سرعان ما تجده وقد أصبح قديما ودخلت محله البرامج الأحدث، والتي تعطي نتائج منافسة وربما أفضل بكثير.. بصراحة نحن لا نريد انتظار التحديثات التقنية المتسارعة في الدوائر، فلربما تتعطل الأعمال جراء ربكة التكنولوجيا، إنما نريد تطبيق الحد الأدنى من التقنيات في مؤسساتنا، لكي نغادر عالم الورق والأضابير والسجلات الكبيرة ولتصير من مآثر الماضي والتاريخ.