الاختلاف في الرأي

آراء 2024/08/15
...

نرمين المفتي

لم يعرف المفكر المصري الراحل أحمد لطفي السيد صاحب المقولة الأشهر «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، إن زمنا سيأتي سيفسد به الاختلاف في الرأي الود. إن بعض الذين يظهرون في البرامج السياسية بصفة محللين، يصل اختلافهم في الرأي إلى حد أن يتهجم أحدهم على الآخر بكلمات لا تفسد الود فقط، انما تفسد الذوق العام وتدفع المشاهد إلى عدم متابعة البرامج التي يظهرون بها.
وهناك من جعلتهم ظروف عملهم، مثلا، لفترة هنا أو هناك أو مع هذا أو ذاك، وتمكنوا من الاحتفاظ ببعض الوثائق والتي استخدموها كجسر للوصول إلى هذا السياسي أو ذاك، أما للعمل معه أو لابتزازه ليس للصالح العام إنما لأجل مصلحة خاصة، إعلاميين وبينهم من يتهجم على الآخر أيضا بكلمات غير لائقة وبصفات مشينة تفقدهم المصداقية لدى من كان يتابعهم من خلال قنواتهم وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن يتوقف عن متابعتهم وربما
يحظرهم.
ولن أنسى الذين يحاولون افساد الود من خلال تلميحات طائفية، دينية أو مذهبية أو عرقية، بين فترة وأخرى أو كلما كانوا بحاجة إلى عاطفة الجمهور، فقد اصبحوا مكشوفين تقريبا. وليت الاختلاف كان بين المحللين والخبراء فقط، بل إنه بين السياسيين أسوأ، إذ بدأ أحدهم بقذف الآخر بتهم يحاكم عليها قانونا.
ان الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية والمناقشات والحوارات قطعا ستؤدي إلى نتيجة مقبولة للأطراف المختلفة لأنه ليس من المنطق أن ينظر الجميع إلى قضية ما النظرة نفسها.
إن الأحداث التي تمر علينا تؤكد ان الاختلاف في الرأي غير ممكن غالبا والا فإن المختلف سيكون هدفا لهجمات غير مقبولة اجتماعياً وسياسيا، وتتم مهاجمته ليس في البرامج فقط إنما على مواقع التواصل الاجتماعي والذي يتابع هذه المواقع وخاصة منصة (X) سيجد ما لا يسره من استخدام لصفات وكلمات ليست غير لائقة فقط وانما مشينة ان يستخدمها كائن من كان حتى بينه وبين نفسه. وأشير إلى المناقشات والتي كانت محتدمة غالبا في قضية تعديل قانون الاحوال الشخصية، فالتهجمات لم تكن ضمن البرنامج فقط، بل امتدّت إلى مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد الطعن بالسمعة والحياة الشخصية للمختلفين في التعديلات وان كان الرجل في المجتمع الذكوري لا تهمه غالبا كل ما يقال عنه، فإن هذه القضية تكون حساسة عند المرأة، التي ربما لم تحسب حسابا أن اختلافها في الرأي سيصل إلى هذه النهاية، بدل المناقشة الهادئة التي قد تصل إلى حل أو رأي وسط.
كما لصاحب الرأي حقه في الدفاع عنه، لابد أن يستمع إلى الرأي الآخر، وأن يعطيه الحق في الدفاع عنه، لا أن يحاول إسكاته مهما كان أسلوب الإسكات. ان صاحب الرأي لا بد وأن يكون متسلحا قانونيا وسياسيا ليرد على المختلف معه بهدوء، وليس من خلال اسئلة تكاد تكون شخصية ولا علاقة لها بموضوع المناقشة، اي ابتعاد عن الموضوعية بإصرار والتوجه إلى الشخصنة.
 ويبدو أن البعض من اصحاب الرأي والذين لا يقبلون بأي رأي مختلف يرون انفسهم افضل من غيرهم، ولا يجوز الاختلاف معهم وهناك من يعتقد بأنه قوي لسبب أو لآخر، وإن هذه القوة كافية أن تجعل الاخر معه وتوقفه عن الاختلاف. إن القضية، اية قضية، تحتاج إلى آراء مختلفة للوصول إلى رأي يتقبله المجتمع ويؤيده الكثيرون وربما الجميع، لا أن يتحول الاختلاف إلى خلاف ومشكلات.