مصانع الطاقة

آراء 2024/08/15
...

  بشير خزعل

من ضمن أولويات استراتيجية الحكومة الاتحادية الحالية البحث عن مصادر طاقة بديلة ونظيفة لإقامة محطات إنتاج الكهرباء، وهي فكرة ليس بجديدة لطالما تحدثت بها وسائل الاعلام منذ 23 عاما، مضت نبهت خلالها على ضرورة الاستفادة من تجارب دول حفزت دهاء الفكر البشري، لتخط مشكلات كثيرة في حل واحد وانتاج فائدة كبيرة، في العراق تضخ المدن والمحافظات وخصوصا العاصمة بغداد مئات الآلاف الأطنان من النفايات بشكل يومي، حتى ضاق الحال بالدوائر البلدية في البحث عن مواقع للطمر الصحي، التي أصبحت تهدد البيئة والصحة بشكل خطير وغير مسبوق، وللتخلص من كمية النفايات الهائلة، الـتـي تضخها هذه المدن اضاءة فكرة توليد الكهرباء من النفايات في رؤوس المفكرين في الامانة، ولكن بعد 22 سنة من المطالبات والمناشدات باستخدام معامل توليد الطاقة الصديقة للبيئة ليس من أجل الكهرباء، بل للتخلص من فوضى مواقع الطمر الصحي، التي كان يقع البعض منها وسط الأحياء السكنية أو بالقرب منها، في مساعيها الأخيرة، أعلنت امانة بغداد إحالة مشروع توليد الطاقة من النفايات إلى شركتين ايطالية وتركية، وتم عرض هذه المشروع كفرصة استثمارية، لعدم وجود شركة محلية مختصة بحرق النفايات وبمعدل 9 آلاف طن يوميا، فكرة نادرة للتخلص من النفايات، التي ستصبح وقودا استهلاكيا يطلب منه المزيد بشكل يومي مع تطور بيئة نقية من الملوثات، التي تملأ الشوارع والساحات، أحد المسؤولين تعكز على أن كلفة هذه المعامل باهظة جدا، وأنها تعمل بتقنية الجيل الرابع والخامس لحرق النفايات، دون انبعاث غازات سامة، وهو نوع حديث غير مجد، فالكلفة المادية لإنشاء مثل هذه المشاريع أمر يثير استغراب الناس! لا سيما أن أمانة بغداد قادرة على فعل الكثير بفضل مواردها، وما يجنيه الفاسدون من استغلال للمواقع الإدارية خلال سنوات طويلة مرت، تخطي عقبة الفساد وايجاد الشخص المناسب في المكان المناسب في دوائر ومؤسسات مفصلية ومهمة في حياة الناس حتما سيؤديان إلى نتائج ترقى بالبلاد نحو الأفضل، بوادر بناء مثل هذه المصانع كضرب عصفورين في حجر واحد، تخلص من النفايات وانتاج الكهرباء، وهو أمر يعطي دلالة على تعافٍ تدريجي لبعض المؤسسات من آفة الفساد، التي استحوذت على كل شيء، ولم تقدم أي شيء منذ سنوات طويلة تلت تغيير النظام، ويمثل تطورا حقيقيا في عمل تلك المؤسسات، التي تسعى إلى تقديم أفكار وحلول استراتيجية طويلة الامد للتخلص من الحلول الترقيعية، التي كانت مرتعا للفساد والفسادين.