علي الخفاجي
شهد العراق ونتيجة السياسة الرعناء التي انتهجها النظام السابق كثيراً من العراقيل والتحديات التي جعلته مكبلاً ومعزولاً عن محيطه الخارجي وغير قادر على صناعة اقتصاد تنموي متسارع من خلال زج البلاد بحروبٍ عبثية لسنواتٍ طوال مما أدى الى تحكم خارجـــي بمواردهِ النفطية ومقدراته ومن ثم تلا ذلك حصار اقتصادي انهك الفرد العراقــي وعاش بذلك سنيناً عجافاً، حيث أدت تلك المشكلات الى شلل الحركة الاقتصادية للبلد وكذلك اثقلت ميزانياته بكثير من الديون والتي مازالت آثارها مستمرة لغاية الآن .
تعكزت الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 على أن التركة التي خلفها النظام السابق تركة كبيرة وهم على حق بذلك لكن ؛ نتيجة لعدم وجود سياسة تصنيعية للبلد باستثناء بعض المحاولات الخجولة ،ولعدم وجود ارادة حقيقية منظورة تهدف الى جعل العراق يعيش اكتفاءً ذاتياً من خلال قوة اقتصاده وتعدد مصادره التصنيعية جعل منه بلداً مستهلكاً بامتياز وظل يعتمد على الاستيراد لسد حاجة السوق لجميع المواد الضرورية وغير الضرورية في بعض الأحيان، الأمر الذي جعلنا نتساءل هل يبقى اقتصاد البلد يعتمد على المورد النفطي كمورد أصيل والاعتماد عليه ، ام باستطاعته الخروج من بوتقة المورد الأوحد كما فعلت كثير من
البلدان؟.
على الرغم من التطمينات الدولية من حيث تعافي الاقتصاد العراقي واتعاشه، وحسب الإحصائيات التي تبين بأن نمو إجمالي الناتج المحلي قد تعافى كثيراً فبعد ان كان 2.8 % اصبح 9.3 % نتيجة ارتفاع أسعار النفط او على الأقل استقراره خلال السنتين الماضيتين بعد ان كان يشهدُ تذبذباً كبيراً ، لكن هذا التعافي وحسب رأي خبراء الاقتصاد بانه نمو هلامي سريع الاختراق حيث اذا ماقل الطلب على النفط نتيجة لعوامل عدة منها سياسية او اقتصادية او حتى بتأثر عوامل البيئة او التحول الى الطاقة النظيفة فانه وفي حينها سيعيش البلد في كسادٍ كبير نتيجة ما تم ذكره ، اذاً ووفقاً لما تقدم رُبَ سائلٌ يسأل هل إن النمو الاقتصادي اثر بشكلٍ ايجابي على دخل الفرد وبالتالي حَسن من مستوى معيشته ،بالطبع ووفقاً للواقع الذي نعيشه لم يؤثر ذلك النمو إيجابياً على الفرد لانه وحسب الإحصائيات الأخيرة التي تشير الى أن نسبة الفقر تقارب الـــ 25 % وكذلك ارتفاع نسبة البطالة الى اكثر من مليوني شخص ، بالمحصلة نرى بأنه اذا ما ارُيد لهذا البلد التعافــي واللحاق بركب التطور الاقتصادي العالمي على أصحاب القرار السعي الجاد لتغيير سياسة البلد الاقتصادية من خلال تنويع المصادر والاعتماد على الصناعة كمورد مهم وأساسي للنهوض بالواقع الاقتصادي وكذلك الزراعة والتي سبق وان كانت مورداً مهماً من موارد البلاد ، والتوجه نحو النمو التخطيطــي الذي ينشأ بشكل مدروس نتيجة حاجة المجتمع ، وخلق فرص تنموية من خلال إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية لما لهذا القطاع من أهمية كبيرة لتحقيق نمو مستدام .