وسائل التواصل الاجتماعي والتفكك الأسري

آراء 2024/08/19
...

  مصطفى رحيم الغراوي

تعـد الأسـرة النـواة الأساسـية في بنـاء أي مجتمـع فعليهـا المعول في تقـدم المجتمعـات والأسرة السـوية، التـي قوامهـا الحـب والاحترام والتفاهم مصـدر لنشأة صـالحة تسهم في تنميـة المجتمـع وتطـوره، وقيـادة مسـتقبله نحـو الأمـن الشـامل والاسـتقرار، وأن مواقع التواصل الاجتماعي تعـد أحـد أهـم الأسـباب التـي أحـدثت خللا في العلاقــات الأســرية، نظراً لدورهــا المهم في حيــاة الفــرد اليوميــة واستحواذها على حيز كبير من وقته

لإشباع احتياجاته الاتصالية، مما انعكس سلبا على المنظومة الاسرية بالتفكـك والانهيـار، والتـأثيرات السـلبية الأخرى. حتى برز العديد من الافراد في مواقع التواصل الاجتماعي يسوقون حياة مخالفة لما موجودة في ارض الواقع تحت عناوين رائجة وبراقة، والتي تستهدف بحملاتها المبطنة الشابات غالبا وتركز على مصطلحات معينة مثل كوني قوية انت بالغة وراشدة، علما أن مؤثري الصدفة من الفاشنيستات والبلوكرات باعتبارهم ابطال اللحظة ورموزًا لدى البعض، مع الأسف خرابهم لا يقتصر على التلوثات البصرية والأخلاقية.

 حتى صار بعض الطلبة يرغبون بأن يصبحوا «بلوكرز» ومن كلا الجنسين بعد التخرج، لأنهم كما يعتقدون سيكونون قادرين على عمل اعلانات بمبالغ خيالية وركوب أغلى السيارات وسحبها، بل بعضهم شطب تخصصه الأكاديمي، وأصبح جل همه كيف يكون مشهوراً في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يجمع أكبر عدد من المتابعين بشتى الطرق.

مما سبب مشكلات أسرية كثيرة، حتى أصبحنا نشاهد حالات طلاق كثيرة جدا، ولأسباب تافهة، وما أشارت اليه إحصائية مجلس القضاء الأعلى عن حالات الطلاق في العراق لشهر واحد من عام 2024، يعتبر أمرًا مقلقا، حيث بلغت حالات الطلاق 6222 حالة، وهو ما يعني حصول 207 حالات طلاق يومياً في المحاكم العراقية، وبالتالي أكثر من 8 حالات في الساعة الواحدة، حيث تصدرت العاصمة بغداد القائمة بحالات الزواج والطلاق.

لذلك صار لزاماً على المؤسسات المعنية تتبع الحركات المشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن هناك عملا منتظما لتمزيق المجتمع وتحريض النساء، خاصة المعنفات وتوريطهن بممارسات غير اخلاقية وتجاره المخدرات واستدراج الشباب نحو الهاوية، كذلك وجود خط غزو فكري يدفع الشباب والشابات لهذا الفخ، بوجود عناوين فضفاضة ومخادعة في هذه المواقع. لذك لا بد من التوعية الإعلامية بمخاطر هذه المواقع، ويجب على الآباء تخصيص وقت معين لاستخدام الأبناء مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل على مشاركتهم أثناء الاستخدام بدافع التفاعل والتحاور الأسري حتى لا يقعوا في فخها، ويجب أن يكون مصدر التوجيه والتربية بعد البيت هو التعليم المدرسي، وإدخال مقرر التربية الأسرية الذي يتناول معنى المشكلات الأسرية وأسبابها والأساليب التربوية للتعامل معه، وتوجيه الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المؤسسات التعليمية بالحرص على التعامل مع هذه الحالات، وتشجيع الطلاب خاصة البنات على إبلاغهم بأي مشكلة يتعرضون لها داخل الأسرة، كذلك توفير الدعم اللازم لخدمات التأهيل النفسي للمعنفين، من خلال عمل مراكز الايواء لهم خاصة في المحافظات، التي لا تمتلك مراكز ايواء لضحايا العنف الأسري.