معضلة المولدات

آراء 2024/08/27
...

  نجاح العلي

عشرات الشكاوى ترد يوميا إلى وزارة البيئة من المواطنين، يشكون من تلوث الهواء والضوضاء التي تصدرها المولدات الاهلية المحشورة داخل الاحياء السكنية، وأصبحت واقع حال لا يمكن الاستغناء عنه في ظل الطلب المتزايد على الكهرباء والانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي الحكومي، أو ما يطلق عليه العراقيون بالكهرباء
“الوطنية”.
هذه المولدات تشرف عليها مجالس المحافظات التي تركز على تحديد التسعيرة فقط، والتي لا يلتزم أصحابها بها في الغالب أما تأثيراتها البيئية والصحية فلا تشكل أولوية في اهتماماتهم، ففي العاصمة بغداد وحدها توجد 14 ألف مولدة كهرباء أهلية، ناهيك عن وجود 49 الف مولدة في المحافظات وجميعها تعمل بالوقود الاحفوري، وما ينتج عنها من تلوث هواء وتلوث سمعي وبصري، يتمثل بشبكات الاسلاك الكهربائية المتشابكة والمبعثرة، فضلا عن هدر كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب لتبريد المولدات وتأثيرها السلبي على البنى التحتية، لأن أغلبها شيدت على الأرصفة ورميها الإنسكابات الزيتية وبقايا الوقود داخل المجاري مما يؤدي إلى انسدادها. انبعاثات المولدات من أدخنة وغازات تلوث الهواء بأكثر من 40 مادة سامة بما في ذلك العديد من المواد المسببة بالأمراض السرطانية وأن مثل هذه الملوثات قد تؤدي إلى زيادة أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والأوعية الدموية. رغم جهود الفرق الكشفية لوزارة البيئة لمتابعة التزام المولدات الكهرباء الأهلية بالقوانين الوطنية البيئية، مثل قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009، فضلا عن المحددات البيئية لمنظمة الصحة العالمية الخاصة بمستويات الصوت لتلافي الضوضاء ذات التأثيرات السمعية التي حددت للمناطق السكنية بنحو (50 -  55) ديسبل، إلا أن النصائح والانذارات والغرامات التي تفرضها هذه الفرق لا تجدي نفعا؛ وبالإمكان استخدام الغاز السائل أو منظومات الطاقة الشمسية الشخصية المنزلية، وبالفعل هناك توجه حكومي بتزويد 18 ألف دار في بغداد من ذوي الدخل المحدود بمنظومات طاقة شمسية مجانا، خلال الفترة المقبلة، بما يسهم من تقليل الضغط على الكهرباء “الوطنية”، ويحسن من الواقع البيئي، لأن هذه المنظومات صديقة للبيئة، وبالإمكان تعميمها وإشاعتها لتكون بديلا عن المولدات الاهلية التي تحتاج استحداث وزارة لإدارتها وتنظيمها لحين تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء
الوطنية.

*اعلامي مختص بالشأن البيئي