مصطفى رحيم الغراوي
تعد فئة الشباب من بين أهم عناصر رأس المال الاجتماعي والتي ينبغي ادراجها في كل مخطط سواء اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي وأمني بهدف رفع المستوى الحضاري للدولة. لأنها خزان الطاقة التي بدونها لا يستطيع المجتمع أن يتحرك خطوات كبيرة نحو الأمام. فمنذ الولادة يتعين إدماج الفرد في سياق التنشئة الاجتماعية وتوفير الظروف، التي تسمح له بإشباع حاجاته واستثمار المواطنة للتعبير عن العلاقة التي تحكم الشاب بالمجتمع، وتضبط حقوق وواجبات كل طرف. في مجتمعنا وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من طرف المجتمع في سبيل مساعدة الشاب على بناء ذاته، إلا أن الثمار المجنية تبقى دون مستوى هذه التضحيات، لأن البعض منهم يعاني من ثغرات في بناء الذات، وذلك يقود إلى هشاشة في التكوين النفسي، الذي بدوره يؤدي إلى الاغتراب النفسي الذي يعمل على تهديد روح المواطنة وضعف الشعور بالانتماء والعزلة والعجز. ويعرف الاغتراب النفسي بأنه شعور الفرد بالعزلة والضياع والوحدة وعدم الانتماء وفقدان الثقة والإحساس بالقلق والعدوان، ورفض القيم والمعايير الاجتماعية والاغتراب عن الحياة الأسرية والمعاناة من الضغوط النفسية.
إن شبابنا يعيش في عالمين متناقضين حاملا في شخصيته ثقافتين غير متكافئتين، ثقافة تراثية مفعمة بالمواطنة الأصيلة، وأخرى عولمية تغريبية شيئا فشيئا تسلبه المواطنة الأولى وتدفعه نحو الفردية، حتى وقف الفرد عاجزا بين ماضيه التراثي وبين العالم الجديد فيصبح مغتربا في ثقافته، لا يعرف كيف يمارس مواطنته، ويكون مساهما في مجتمعه فيعيش في عالم من الوهم ونسق من الخيال يصنعه لذاته، إما هربا من الواقع أو عجزا منه فيصبح شخصا فاقدا للهوية، غير قادر حتى على التكيف مع الواقع والتعايش الحر مع الآخر. الاغتراب موجود في أي مجتمع ما دام أفراده لا يستطيعون التكيف أو التوافق بسهولة مع الظروف السائدة، أوهناك فجوة بين الفرد والمجتمع، وكلما غلب المجال الذي تظهر فيه العلاقة المعبرة عن الذات وما دام للفرد أفكار مثالية ينشد تحقيقها وظروف المجتمع تحول دون بلوغها. والشاب في أي مجتمع معاصر يتأثر بعوامل محلية أو قومية أو عالمية وأخرى اقتصادية وسياسية واجتماعية قد تؤثر بشكل كبير في قدرة الفرد على تحقيق مطالبه، مما قد يؤدي إلى معاناته من بعض المشكلات منها الإحساس بالنقص والإهمال مما يجعله ينسحب ويرضى بتخلفه. في جمة المشاكل التي يعاني منها الشباب تتعالى الأصوات على ضرورة تفعيل المواطنة والتحلي بها والعمل من أجل تحقيقها، لكي يعرف الرد مال له وما عليه من الدولة باعتبارها من المفاهيم الأساسية التي تنهض بها الدولة الحديثة، كونها الأساس الدستوري للمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الدولة الواحدة. حيث إن المواطنة في الأساس هي الشعور بالانتماء للوطن، والتي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية، وحماية الذات من الأخطار، لهذا يمكن اعتبار المواطنة هي القيام بالواجب والحفاظ على حقوق الجميع في ظل وحدة التعدد والتوحد والتمايز، فهذا المعنى كفيل بأن يزيل أي تفاعل في هذا الشأن بين المواطنين والدولة وعليه لا بد من اعداد تقرير التنمية البشرية الذي يتمحور عن المواطنة والعقد الاجتماعي وان تكون هناك مبادرة واسعة لدعم وتعزيز مفهوم المواطنة والتشجيع على ممارستها لدى الشباب والذي يعتبر طريق التقدم للمجتمع، وإعطاء مفهوم المواطنة الأهمية القصوى في المناهج الدراسية، ووسائل الإعلام المختلفة كذلك القيام بدورات في الإعلام لتعريف المجتمع وخاصة الشباب بالجوانب القانونية التي تحدد الحقوق والواجبات لدى الأفراد. وتوفير البرامج الإرشادية والنفسية في المؤسسات الجامعية لمكافحة الاغتراب النفسي وتحقيق الدعم اللازم للأفراد وتحقيق التفاعل الاجتماعي الدائم بين أفراد المجتمع.