كتب رئيس التحرير :
ما من انتخابات تشغل الكرة الأرضيَّة برمّتها مثل انتخابات الرئاسة الأميركيَّة. المنشغلون بالسياسة سينشغلون حكماً بسياسة البلد الأقوى عسكرياً واقتصادياً. وحتى غير المهتمين بشأن سياسيّ يُدركون أنَّ تأثيراً ما قد تأتي به تلك الانتخابات في بلدانهم، وبالتالي في حياتهم الشخصيَّة. وفي المحصلة فإنَّ الجميع وليس الأميركان فقط يترقبون.
قد تكون بلداننا في المنطقة الأشدَّ انشغالاً، وبخاصّة الآن ونحن في عين العاصفة التي يُثيرها الكيانُ الصهيونيّ في وجوه الجميع وبعونٍ من أميركا دائماً وأبداً.
في الأيام التي سبقتْ ضربة الكيان ضدَّ إيران بدا واضحاً أنَّ عين نتنياهو مصوّبة على صواريخه المهيأة للعدوان، بينما عينه الأخرى تتطلع إلى واشنطن. لأنَّ نوع الضربة وطبيعة الأهداف مرتبطان إلى حدّ كبير بهاجس أنْ تمرَّ الانتخابات الأميركيَّة بسلاسة لئلا يكون للعدوان على طهران أثر في تحديد اسم الرجل الذي سيسكن البيت الأبيض.
الانتخابات الأميركيَّة مثال بليغ على أنَّ سياسات أغلب دول العالم مجرَّد إعدادات ثانويَّة في مشهد السياسة العالميّ وأنَّ الويلات التي تتجرّعها الشعوب والمآسي التي تعتري الدول مرهونة بهذه اللعبة التي لها ظاهر وباطن، ظاهرها ممارسة ديموقراطيَّة يخرج منها فائزون وخاسرون، وباطنها إدامة أزمات وحروب لا رابح فيها.
المفارقة أنَّ كثيراً ممن ينتظر ما تُسفر عنه انتخابات أميركا يُدرك أنَّ نظاماً عابراً للأشخاص هو ما يحكم سياسة واشنطن وأنَّ القارّ والثابت في تلك السياسة هو الانحياز التامّ للكيان المزروع في قلب المنطقة.
الانتخابات الأميركيَّة تتكرَّر ويتكرَّر معها انتظار العالم وترقبه وحروبه ومآسيه.