عصر التفاهة

الصفحة الاخيرة 2024/11/17
...

محمد غازي الأخرس


يتحدثون عن علامات الساعة، بينما يروقني أنا الحديث عن علامات عصر التفاهة، ومنها مثلاً تسليع الحكمة والتربُّح منها من خلال حصد المشاهدات عبر منتجي ما يسمى بـ «حالات الواتساب» مثلاً، أو مشاركة الحكم عبر منشورات في الفيس بوك. أنا أعدُّها من علامات عصر التفاهة كونها ترتبط هذه الأيام بدائرة المناكفات الاجتماعية، وتعمُّد إرسال الرسائل المزعجة لآخرين أو إيصال رأي سلبي حولهم لهم. تجد المرأة، بمجرد حدوث خلاف مع أحدهم، تشرع في البحث في التيكتوك أو الانستا أو صفحات الحكم في الفيسبوك، ثم تختار مادة تنطبق على المعنى الذي تفكر به تجاه خصمها، ثم تشارك المادة في صفحتها على أمل أن يراها المقصود، فينزعج. هنا، سيتساءل متابعو هذه المرسلة : تقصد من؟ وليش ؟ شصاير ويه فلانه؟ ليش  كاعد تنزل حالات وستوريات؟ ثم يبدؤون بمتابعة الموضوع وكأن تلك المادة كانت إطلاقة بدء سباق للتحقق من هوية المقصود وسبب بدء المعركة معه. الطريف أن  ما يحدث مع سين يحدث من غيره، ومن يرسل الرسائل لابد أن يتلقى مثلها، أو أسوأ منها. وكما يثير هو امتعاض الآخر بما يرسل من محتويات بائسة، كذلك يمكن أن يمتعض إذا ما ردَّ عليه الآخر بالأسلوب نفسه. ما يجب أن نعرفه أن أبطال هذه المناكفات يحيلون إلى أنساق سيئة وعادات اجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان، وهذه الأنساق والعادات تعكس مدى ما تتسم به شريحة لا بأس بها من مجتمعاتنا من تفاهة، لهذا لم يكن غريباً أن يتم تسليع هذه التفاهة وعرضها في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن سوقاً كاملة نشأ، أبطالها صناع محتويات ومنتجو مقاطع تحظى برواج كبير نظراً لما توفره من محتويات للباحثين عنها. نعم يحلو للبعض الحديث عن علامات الساعة، بينما أنا أتحدث عن علامات حلول عصر التفاهة و يا عجبي!