تأمين عسكري - استخباري كامل لحدودنا مع سوريا

الثانية والثالثة 2024/12/03
...

 بغداد: شيماء رشيد وجنان الأسدي


جدد العراق أمس الاثنين، موقفه الراسخ بدعم الشقيقة سوريا في مواجهتها للهجمات الإرهابية التي تستهدفها حالياً، وأكد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، حرص العراق على استقرار سوريا وأمن المنطقة، وبينما طالب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، المسؤولين الأمنيين، بتفعيل الجهد الاستخباري مع الدول الشقيقة والصديقة ولاسيما الجارة سوريا لتبادل المعلومات، أكدت قواتنا المسلحة بكافة صنوفها في وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي أن "العراق في أيدٍ أمينة متمرسة وكفوءة، وقادرة على حماية الوطن والمواطن من أي تهديد داخلي أو خارجي".
لقاء رئاسي
وذكرت الدائرة الإعلامية لرئاسة الجمهورية، في بيان تلقته "الصباح"، أن "رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، استقبل أمس الاثنين في قصر بغداد، سفير الجمهورية العربية السورية لدى العراق صطام جدعان الدندح". وأضاف البيان، أن "اللقاء شهد مناقشة تطورات الأوضاع الأمنية في سوريا".
وأكد رئيس الجمهورية "دعم العراق لترسيخ الاستقرار، والعمل من أجل منع توسع دائرة الصراع"، وأوضح، بحسب البيان، أن "تطورات الأحداث في سوريا وانعكاساتها على المنطقة ككل هي موضع اهتمام شديد"، مبيناً أن "العراق عمل على تعزيز السلم والأمن الدوليين".
وأطلع السفير السوري رئيس الجمهورية "على مستجدات الأوضاع على الساحة السورية"، مشيداً "بمواقف العراق المساندة والداعمة لسوريا".
كما بحث رئيس الجمهورية مع السفير الإيراني لدى العراق محمد كاظم آل صادق، الأوضاع الأخيرة في سوريا، إذ أكد ضرورة تكثيف الجهود والتنسيق المشترك للوصول إلى حالة الأمن والاستقرار في المنطقة، وحفظ وحدة وسيادة سوريا وسلامة أبنائها.
من جانبه، أكد السفير الإيراني أهمية استمرار التشاور والتنسيق المشترك وصولًا لتحقيق  السلم والأمن الدوليين.
وكان رئيس الجمهورية قد استعرض مع السفير التركي لدى العراق أنيل بورا إنان، التطورات الأمنية في سوريا، مؤكداً ضرورة بذل جميع الجهود لأجل الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها.

اجتماع برلماني
في غضون ذلك، طالب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، المسؤولين الأمنيين، بالتحديث المستمر للخطط الأمنية لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، وتكثيف التواجد الميداني لتفقد القطاعات وتأمين احتياجاتها، فضلًا عن تفعيل الجهد الاستخباري مع الدول الشقيقة والصديقة ولا سيما الجارة سوريا لتبادل المعلومات، إضافة إلى تنفيذ عمليات استباقية نوعية لمنع تسلل العصابات الإرهابية، ورفع مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنية والوزارات بما فيها غير العسكرية لتأمين متطلبات دعم القوات المسلحة، والتصدي لمحاولات بثِّ الشائعات والأكاذيب بإدامة التواصل مع المؤسسات الإعلامية الوطنية.
جاء ذلك خلال ترؤسه الاجتماع الطارئ الذي عقدته لجنة الأمن والدفاع النيابية أمس الاثنين بتوجيه من المندلاوي، والذي تمت فيه استضافة وزير الدفاع، ورئيس أركان الجيش، وقائد قوات حرس الحدود، وقادة الصنوف في وزارتي الداخلية والدفاع، بحضور نائب رئيس المجلس د. شاخه وان عبد الله، ورئيس وأعضاء لجنة الأمن والدفاع، لمناقشة تطورات الأحداث في سوريا وتداعياتها على العراق، والوقوف على استعدادات الأجهزة الأمنية واحتياجاتها للتصدي لخطر الجماعات الإرهابية.
ونقلت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب عن المندلاوي قوله خلال الاجتماع: إن "للعراق الحق في الدفاع عن الأمن والسلم الوطني من الناحية الشرعية ووفق القانون العراقي والدولي، وأن البلاد تنعم وتستظل بالمرجعية الدينية العليا (دام ظلها) وبفتواها للجهاد الكفائي التي وفرت المزيد من المساندة الشعبية للقوات الأمنية"، مشيراً إلى "أهمية الاستعداد والجهوزية للتصدي لكل عمل من شأنه أن يهدد أمن وسلامة البلاد"، مؤكداً في الوقت ذاته أن "السلطة التشريعية داعمة لمختلف صنوف القوات الأمنية البطلة، وأن لجنة الأمن والدفاع مستعدة للانعقاد الدائم من أجل مساندتهم".
عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر اسكندر، قال في حديث لـ"الصباح": إن "الاجتماع هدف إلى مناقشة التطورات الأخيرة وتقييم الإجراءات الأمنية المتبعة"، وأكد أنه "لا توجد مخاوف حالياً، لكننا نحرص على مراجعة الاستعدادات بشكل دوري، وأوصينا الحكومة بأهمية تعزيز الدفاعات على الحدود وإجراء تدريبات مستمرة للقوات الأمنية والعسكرية."
وأشار، إلى أن "الجيش العراقي يمتلك خبرات واسعة وجاهزية عالية للتعامل مع أي تهديد قد يطرأ نتيجة الوضع في سوريا"، وبيّن أن "وزير الدفاع استعرض خلال الاجتماع التدابير التي اتخذتها الوزارة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى لمواجهة أي سيناريو محتمل قد يؤثر في الأمن الوطني".
وأضاف اسكندر، أن "الوضع مستقر حاليًا، وقد اتخذت الحكومة جميع الاحتياطات اللازمة لضمان عدم تأثير الأوضاع في سوريا على العراق"، مؤكداً أن "جيشنا يتمتع بكفاءة عالية، ونحن نعمل على معالجة أي ثغرات أمنية."
وفي ذات السياق، شدد النائب أمانج هركي، على أن العراق لا يواجه تهديداً مباشراً في الوقت الحالي، لكنه أشار إلى أهمية البقاء على أهبة الاستعداد لأي طارئ. وقال هركي في حديث لـ"الصباح": إن "الحكومة العراقية تنسِّق جهودها مع جميع الأطراف لضمان استقرار الوضع الأمني في المناطق الحدودية"، مشيراً إلى "أهمية المراقبة المستمرة للحدود باستخدام التكنولوجيا الحديثة والطائرات المسيرة".
وتأتي هذه الاجتماعات ضمن جهود الحكومة العراقية والبرلمان للتعامل مع أي تحديات قد تفرضها الأوضاع الإقليمية، لاسيما في ظل التهديدات الإرهابية التي تشهدها الجارة سوريا، ويؤكد المسؤولون على جاهزية القوات العراقية للتعامل مع أي طارئ عبر التنسيق المستمر بين المؤسسات الأمنية المختلفة والتي يعدّها مراقبون عاملاً حاسماً لضمان استقرار البلاد، فضلاً عن قدرة القوات المسلحة العراقية التي أثبتت كفاءتها في التصدي للتحديات على مر السنوات الماضية.

دور الخارجية
وضمن الحراك الدبلوماسي لتطويق الأزمة السورية وتداعياتها، بحث نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، فؤاد حسين، خلال اتصال هاتفي مع الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، التطورات الأمنية الراهنة في سوريا.
وأشار حسين، بحسب بيان للخارجية، إلى "التداعيات السلبية لهذه التطورات على استقرار المنطقة"، مؤكداً "أهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة"، وأكد الجانبان "موقفهما الثابت في دعم سوريا الشقيقة في مواجهة التطرف والإرهاب".

قطعات الدفاع
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع، أمس الاثنين، عن تحرك قطعات من الجيش لإسناد الحدود.
وقالت الوزارة في بيان، تلقته "الصباح": إن "قطعات مدرعة من الجيش العراقي الباسل تحركت لإسناد الحدود المنفتحة من القائم جنوباً ولغاية الحدود الأردنية"، وأضافت أن "ذلك جاء بعد تعزيز القاطع الشمالي غرب نينوى بالقطعات المدرعة والآلية".

مؤتمر الداخلية
بدورها، أكدت وزارة الداخلية العراقية، أنها قامت بتعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود مع سوريا في إطار ستراتيجية متكاملة تهدف إلى التصدي للتحديات الأمنية، بما في ذلك التهريب والتسلل. وشملت الجهود إرسال قطاعات أمنية إضافية، بدعم من الجيش العراقي والحشد الشعبي، لتأمين الحدود الممتدة لأكثر من 618 كيلومتراً.
وفي مؤتمر صحفي عُقد بمقر قيادة قوات الحدود، حضرته الـ"الصباح"، بيّن قائد قوات الحدود، اللواء الحقوقي محمد عبد الوهاب سكر، أن "الجهود الأخيرة أثمرت عن تحقيق مستويات غير مسبوقة من ضبط الحدود، ومن بين الإجراءات المتخذة إنشاء منظومة تحصينات شاملة".
وأوضح، أن "التحصينات تشمل خندقاً بعرض مترين وعمق ثلاثة أمتار، وجداراً خرسانياً يمتد لمسافة 300 كيلومتر ومنظومات مراقبة حديثة تضمنت كاميرات حرارية تعمل على مدار الساعة، مرتبطة بشبكة كوابل ضوئية، مما يُمكّن من مراقبة العمقين السوري والعراقي، فضلاً عن نقاط حراسة متقاربة بمسافة تفصلها كيلومتر واحد، وهو إجراء يُنفذ لأول مرة".
وأضاف، أنه "إلى جانب تلك الإجراءات؛ تم استخدام الطائرات المسيرة لتعزيز قدرات المراقبة والاستجابة السريعة لأي تهديدات"، وأكد أن "قوات الحدود تتمتع بجاهزية قتالية عالية، مدعومة بقطاعات احتياطية وخط صد ثانٍ بمشاركة الجيش العراقي والحشد الشعبي، ما يضمن التعامل الفوري مع أي خروق أمنية محتملة".
من جهته، أوضح الناطق باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري، خلال المؤتمر، أن "الجهود الأمنية شملت تحصينات على طول أكثر من 3,719 كيلومتراً من الحدود العراقية مع ست دول"، مؤكداً أن "الحدود السورية - العراقية باتت من أفضل الحدود تأميناً"، وأشار إلى أن "هذه الستراتيجية تأتي في إطار حماية السيادة العراقية ومنع التهديدات الأمنية".
وأضاف ميري، أن "الوزارة أولت ملفات مثل مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة أهمية كبرى خلال العامين الماضيين"، مشيراً إلى أن "التحصينات الحدودية تُعد نموذجاً رائداً في المنطقة تمثل هذه الجهود جزءاً من ستراتيجية عراقية شاملة تهدف إلى ضمان الأمن الوطني وحماية الحدود من التهديدات المختلفة، مع جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ، مما يعكس التزام الدولة بأمن مواطنيها وسيادتها".
وأوضح، أن "الهدف من عقد المؤتمر هو طمأنة الرأي العام، خاصة في ظل محاولات البعض تشويه الحقائق وإطلاق الإشاعات حول تهديد أمن العراق وعدم تأمين الحدود بشكل كامل".
وذكر ميري، أن "جهود قيادة قوات الحدود كانت واضحة، بدعم من القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، حيث عملت وزارة الداخلية بجد خلال العامين الماضيين على تأمين الحدود، وبشكل خاص الحدود السورية"، وأشار إلى أن "القطعات المنتشرة على حدود سوريا متمرسة وكفوءة متمثلة بالفرقتين الثانية والسادسة قوات حدود، إضافة إلى قطعات وفرقة وألوية من الجيش العراقي والحشد الشعبي وقطعات من فرقة الرد السريع وقيادة قوات الشرطة الاتحادية في وزارة الداخلية"، منوهاً بأن "العمل على تأمين الحدود تقنياً ولوجستياً يعود بالدرجة الأولى إلى قيادة قوات الحدود".
وأكد، أن "الحدود العراقية السورية محصَّنة بشكل كامل، ولا يمكن الاقتراب منها أو اختراقها، بفضل التحصينات والقطاعات القتالية المدربة".

الأمن القومي
في سياق متصل، أفاد بيان للمكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي، تلقته "الصباح"، بأن "مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي التقى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حيث جرى خلال اللقاء استعراض شامل لمستجدات الأحداث على الساحة السورية وآخر تطورات المشهد السياسي والأمني على صعيد المنطقة".
وأكد الجانبان، على "أهمية استمرار الجهد الأمني والاستخباري على الحدود العراقية السورية بعد تأمينها بالكامل، إلى جانب التأكيد على موقف العراق من الأحداث الأخيرة في سوريا الشقيقة وأهمية دعم جميع الجهود للقضاء على التنظيمات الإرهابية".

رؤية العبادي
من جانبه، قال رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، في تدوينة له على منصة "X"، تابعتها "الصباح": إن "حرائق الشرق الأوسط تتكاثر وتتدحرج، وإن استمرت فستحدث ناراً تلتهم الجميع، موهوم من يعتقد أنه بمنأى عن النار إن استعرت، فلن تبقي مجتمعاً آمناً ولا دولة موحدة في عموم الشرق الأوسط، وإن كان هذا هو المخطط، فليستعد العالم للجحيم".
وأضاف، "في هذه اللحظة الخطيرة والخطرة، وبمسؤولية وخبرة أؤكد كما لا مكان للخوف والهلع، فلا مكان أيضاً للتراخي والاسترسال، وحان الأوان لحلول حكيمة وقيادات شجاعة لرسم مسار آخر للمنطقة".
وتابع العبادي: تحتاج المنطقة إلى ثلاث حزم من المبادرات معاً:
1 - تسويات عادلة وواقعية وممكنة لحل الإشكاليات الداخلية لأكثر من دولة، بما يحقق شرعية السلطة والعدالة الاجتماعية معاً.
2  -إعادة الاعتبار والشرعية والقوة للدول في ممارسة شؤونها السيادية داخلياً وخارجياً، لما فيه مصلحة شعوبها على حساب تصدر ومصالح الحركات والأحزاب.
3  - إلزام أممي ومن خلال المؤسسات الدولية بحلول منصفة وممكنة لبؤر الصراع في المنطقة، وبضبط صراع المحاور المنفلتة.
وأعرب العبادي، عن أمله الكبير أن "تتم محاصرة ألسنة اللهب، بوعي من الشعوب وحرصها على حاضرها ومستقبلها، وبمبادرات من مراكز القرار الإقليمي والدولي الحريصة على الأمن والسلام الدوليين".