د. وليد الحلي
ذكرى انتصار العراق على الإرهاب الداعشي، والذي يتزامن اليوم، مع الذكرى (76) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يكن مجرد انتصار وطني، بل ساهم في تعزيز الأمن والسلام على المستويين الإقليمي والدولي. فقد أسفر عن القضاء على مركز ما عرف بـ "دولة الخرافة" في الموصل، الذي كان مصدرا عالميا لنشر الإرهاب، هذا الإنجاز أسهم في تعزيز الاستقرار الإنساني، والحد من الانتهاكات والصراعات في المنطقة.
وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نستذكر التحديات التي تواجه القيم الإنسانية حول العالم. فرغم مرور عقود على إقرار الإعلان العالمي، لا تزال الإنسانية تواجه انتهاكات جسيمة تهدد القيم الأساسية للحياة الكريمة، أبرزها استمرار الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني من قبل كيان (الإبادة الجماعية)، في تحدٍ صارخ لكل المواثيق الدولية والإنسانية، واستغلال القوى الكبرى لحق النقض (الفيتو) في تعطيل مساءلة الدول المنتهكة للحقوق، ما يعكس انتقائية واضحة في تطبيق قوانين حقوق الإنسان.
معاناة أكثر من مليار إنسان من الفقر المدقع في 104 دول، إلى جانب تصاعد الصراعات المسلحة وزيادة مبيعات الأسلحة التي تجاوزت ثلاثة تريليونات دولار سنويا، تشكل هي الأخرى تحدياً لقيم الإنسانية، فيما يمثل التلوث البيئي بمختلف أشكاله الذي يهدد البشرية، تحدياً اخر، يضاف إلى التهديد باستخدام الأسلحة النووية والكيميائية والجرثومية، ونشر الأوبئة الفيروسية كأداة لتحقيق الهيمنة السياسية.
كما أن استغلال التقنيات الحديثة في التجسس والتلاعب بالرأي العام في الانتخابات وغيرها واستخدام الإعلام المضلل بهدف تشكيل رأي عام يخدم أجندات سياسية مشبوهة، كل هذا يستدعي العمل من أجل مستقبل أفضل، فالعالم اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى بالعمل على تعزيز قيم حقوق الإنسان، من خلال نشر التثقيف والتوعية بمبادئ حقوق الإنسان، وتعزيز المساءلة ومحاسبة الدول التي تنتهك الحقوق الإنسانية، إلى جانب دعم الحملات الإنسانية الهادفة إلى القضاء على الفقر وإنهاء الصراعات، والتركيز على الحلول البيئية المستدامة لمواجهة الأزمات البيئية.
إن قيم حقوق الإنسان تمثل الأساس لبناء مستقبل أفضل للبشرية، وإن انتصار العراق على الإرهاب يمثل نموذجا للإرادة الصلبة، التي ينبغي أن تلهم العالم في مواجهة التحديات الراهنة.
الأمين العام لمؤسسة حقوق الإنسان في العراق