سوريا بين طريقين

آراء 2024/12/26
...

 علي حسين عبيد

 هل يمكن أن نجزم بأن الحياة ترتكز على الثنائيات المتناقضة؟، فمثلا إن لم يكن هناك نهار هل سنعرف الليل، ولو لم يكن هناك صباح هل سنعرف الغروب وطبيعته، ولو لم يكن الشر في حياتنا هل سنعرف قيمة الخير؟

سوريا بلد الثقافة والفنون الأصيلة، بلد الإبداع والتنوع المدنية النظيفة، هل ستغادر الاستبداد إلى الديمقراطية، وهل ستنفض تراب السنوات العجاف التي لم تخلّف للسوريين غير المقابر الجماعية، وهل سمعتم في العالم أجمع بلدا وجدوا فيه مقبرة جماعية زاد عدد القتلى فيه ( 200) ألف فرد، ليس غريبا أن تتشابه أنظمة الظلم سواء كانت عربية أو أفريقية أو من أمريكا اللاتينية، فهذا الروائي استورياس صاحب رواية السيد الرئيس يصف السجون التي بناها الطاغية واعتقل فيها ضحاياه، وكلنا نتذكر سرب القمّل الذي كان يسير على رقاب السجناء وظهورهم بسبب الجرب والقذارة القاتلة، التي كانوا يعيشون فيها، كان السيد الرئيس يتلذذ بعذابات السجناء، هو جالس في قصوره على الأرض مع جواريه وخموره وخدمه وحشمه، وفي باطن الأرض أسفل كرسيه يعيش مئات الآلاف من البشر مطمورين في طوامير النظام لمجرد انهم يخلفون الطاغية في الراي أو يرفضون تمجيده وتأييده. 

حال السوريين لم يكن أفضل من سجناء طاغية رواية السيد الرئيس، بل يتشابهون في كل مكان من العالم، والأنظمة كذلك تعرف نفسها وتؤيد بعضها فالطيور على أشكالها تقع، نعود إلى الثنائيات المتناقضة في سوريا فهل ذهب الاستبداد إلى غير رجعة بعيدا عن هذا البلد وشعبه الذي تعذب كثيرا، وهل سيحل محله النظام الديمقراطي الذي ينشر العدل بين الناس، العالم كله تقريبا منشغل في هذه القضية، والسوريون أكثر الناس قلقا على حاضرهم ومستقبلهم، وهل سينعمون بنظام سياسي يعوّض السوريين عمّا تجرّعوه من ويلات وعذابات. 

لو أننا تابعنا تصريحات القادة الجدد وخصوصا المعني الأول السيد أحمد الشرع، فإنها في الحقيقة مشجعة، وقد أشادت بها معظم الدول لاسيما أمريكا وأوروبا، ولكن هذه الدول تكرر في كل تصريحاتها (إننا ننتظر الأفعال وليس الأقوال)، خصوصا بعد صدور تصريح مثير للجدل يتعلق بأهلية المرأة للعمل، مما أثار مخاوف حقيقية بين الأوساط المدنية والنسوية في سوريا، بخصوص حقوق المرأة والحرية التي يجب أن ترافق مسيرتها، كذلك هناك مخاوف على حقوق الأقليات، لاسيما إذا تم إقرار نظام محاصصة، قد يفسد مستقبل سوريا والسوريين، نأمل أن يحل النقيض السياسي السليم، وينعم السوريون بنظام حكم ديمقراطي عادل وأمين.