سقط نظام الأسد فمنْ المستفيد؟

آراء 2024/12/26
...

  وجدان عبدالعزيز


بعد انهيار النظام السوري، الذي عانى الشعب من ممارساته الاستبدادية، بنسختيه، الأب والابن، حيث اندفع الشعب بثورته في منتصف مارس/ آذار 2011. وشن في إثرها نظام الأسد حربًا شاملة ضد غالبية السوريين، استمرّت 14 عامًا، حيث استخدم جميع أنواع الأسلحة ضد الحاضنة الشعبية للثورة، بما فيها الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليًا، وقتل أكثر من نصف مليون سوري، إلى جانب تشريد أكثر من نصف الشعب السوري ما بين لاجئ ونازح، فضلًا عن الدمار، الذي أصاب مدنهم وبلداتهم وقراهم، وبهذا أصبحت الساحة السورية تتلاطم فيها الكثير من الإرادات الملتقية على نيات محددة ومعروفة، وأخرى مثلت إرادات متصارعة، لماذا أقول هذا؟ كون الصراع السوري لم يكن بين شعب ونظام فقط، إنما هناك إرادات إقليمية ودولية، تعمل جادة لجهة مصالحها الخاصة، وبهذا تصاعد الصراع المتعدد بين الدول، لتحقيق طموحاتها الخاصة خلال فترة الثورة ضد النظام، فالشعب السوري المتعطش، لبناء بلد يقوم على الديمقراطية والتعددية السياسية، ودولة القانون والمؤسسات، اتكأ كثيرا على قوى إقليمية لتمشية أهدافه، اذن هنا سيلاقى الشعب السوري في التغيير صعوبات جمة، لكننا دوما نبقى نراهن على إرادة الشعوب المضحية، كما هو الشعب السوري، وهنا قد نحاول وضع النقاط على الحروف، ومن خلال الصراع السوري صارت شراكة استراتيجية عميقة بين موسكو وطهران لدعم نظام الأسد، وبالمقابل، قد نشطت العلاقة بين تركيا وأمريكا، وأثرت تأثيرا مباشرا في تشكيل العلاقات التركية مع بعض القوى العربية الفاعلة في العقد الماضي، اذن التحول في قلب نظام الأسد، سيكون له آثار عميقة على أدوار الفاعلين المؤثرين في الصراع وعلاقاتهم الجانبية، وعلى مكانتهم في الشرق الأوسط، ويبدو ان الرابح في هذا الصراع حتى سقوط النظام تركيا وأمريكا وإسرائيل، لكن حتى هذه اللحظة لم يراهن الباحث فيها من هو الرابح؟، لماذا؟ كون الساحة السورية ما زالت ضبابية فيها قوى المعارضة غير المتجانسة، أي الاثنيات التي تُكّون الشعب السوري والمتعايشة مع بعضها من مئات السنين، لكن الكثير منها اتكأ على الغير لمساعدته في التغيير، كما أسلفنا، فتركيا مثلا تحاول ضمان معالجة الصراع بما يتلاءم مع مصالحها ومُتطلبات أمنها القومي، ورؤيتها لدورها الجديد في الشرق الأوسط، كوسيط للاستقرار والقوة، لكن يترتب عليها، كدولة مسؤولة بشكل خاص عن ضمان منع انجراف التحول السوري إلى وضع يجلب مخاطر تفوق الفوائد، وهناك إسرائيل التي استغلت الفرصة وحطمت مقدرات الجيش السوري، واحتلت بعض الأراضي، فهل تستطيع قدرة أنقرة في الحفاظ على انسجام أهداف الفصائل المعارضة المتنوعة بعيدًا عن التنافس والاقتتال الداخلي أولا؟، وثانيًا مدى قدرتها في التأثير على هيئة تحرير الشام؛ لضمان مواصلة التحولات، التي أحدثتها على نفسها منذ أن انفصلت عن القاعدة، وإلى جانب تركيا، تظهر الولايات المتحدة وإسرائيل، كأحد المستفيدين من التحول السوري. إن مُجرد إخراج سوريا من دائرة التحالف مع أنظمة معادية للغرب مثل إيران وروسيا يُعد مكسبًا جيوسياسيًا كبيرًا لهما، ويبدو أن الخاسرين في سقوط الأسد هما إيران وروسيا، يبقى الجانب العربي يجب ان يكون له الدور الأساسي في الوقوف إلى جانب الشعب السوري في البناء والأعمار، والحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعبا، ومحاولة لمَّ شمل المكونات السورية الفاعلة في التغيير، ودعم المؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية، ومحاولة استعادة الحضور العربي، واعتراف بالواقع، ومتابعة تطوراته، وعدم تركه، لأي تدخلات غير عربية، ليكون للحضور مسار تاريخي في هذا الظرف الصعب، الذي تمر به سورية.