سوريا.. التحديات الصعبة

آراء 2024/12/29
...

 طالب سعدون


على خلاف العراق كما يحلو للبعض أن يصف حاله بعد 2003 كانت سوريا بعد 8 كانون الأول قد سقطت وليس النظام وحده، لأن أجزاء مهمة جديدة منها قد احتلتها (إسرائيل) وأصبحت دمشق تحت الخطر..

النظام السوري على عكس اليمن وليبيا أيضا كانت صلاحيته قد انتهت، منذ 13 سنة، وأخذت تتنازعه أطماع اقليمية وتهديدات إسرائيلية وحروب داخلية، ولم يعد له تأثير إلا على مساحة محددة من أرض بلاده الشاسعة، ومع ذلك لم يستطع الدفاع عنها أو يحافظ عليها. اما سوريا كقوة فقد سقطت يوم 8 كانون الاول بعد توغل الجيش (الإسرائيلي) مباشرة في مهمة دمرت فيها مؤسساتها ومقوماتها العسكرية والبحثية والحيوية والمدنية لتبقى بلا قوة وجيش، ويكون قوة احتلال اخرى مضافة بشكلها الجديد..

وحسب إذاعة الجيش الاسرائيلي فانه جرى تدمير 70 إلى 80 بالمائة من القدرات العسكرية السورية، وتحذير سوريا الجديدة من السير على خطاها القديمة.              

لقد رهن بشار نظامه بإرادات خارجية لكي تحافظ له بيانات واعلانات تصدر عنها وعليه ان يلتزم بها.

اذا كان نظام الأسد (بشقيه الأب والابن) قد سقط بسهولة وانتقلت السلطة بسلاسة وكأن كل شيء معد سلفا، لكن ما بعد السقوط سيكون هو الأصعب على سوريا، فهي تواجه تحديات كبيرة تحدد مسارها المستقبلي، أولها دخول قوات الاحتلال (الاسرائيلي)، بعد دخول المعارضة إلى دمشق، وتوغلها بعمق بحيث أصبحت على مرمى حجر من دمشق، باستغلالها للظرف الجديد باحتلال جبل الشيخ والسيطرة على المنطقة العازلة لتضيفها إلى الجولان المحتل، كما ضربت السلاحين الجوي والبحري السوري ومنشآتهما المدنية والعسكرية، لكي تجعل سوريا مكشوفة دون غطاء وعرضة لمفاجآت كثيرة..

تلك التطورات خطيرة ومفاجأة وجاءت دون مقدمات بعد أن كانت الأنظار متوجهة نحو جبهات غزة ولبنان، ولم يكن في الحسبان أن يستغل نتنياهو الجبهة السورية بهذه السرعة وبهذا التوغل والتدمير، وبتصور أنها فرصة سانحة له بتغيير المنطقة وتحقيق حلمه بإقامة شرق أوسط جديد.

 بلا شك أن سوريا وجع جديد يضاف للأوجاع الاخرى يتطلب وحدة سوريا ارضا وشعبا وستنبثق حتما من صفوفها مقاومة على غرار فلسطين ولبنان تضع حداً للأطماع الاسرائيلية لكي لا تذهب (اسرائيل) بالوهم، وعليها أن تعي بأن ملايينها الاربعة لا تشكل شيئاً أمام مئات الملايين اذا ما توحدت وتناست خلافاتها وأدركت حجم الخطر الذي ينتظرها، ويمكن أن يبتلعها شارع واحد من هذه الملايين على حد تعبير أحد الكتّاب.