تأمل في بعض نواحي السلوك الخطأ

آراء 2024/12/31
...

 سعد العبيدي

شهد المجتمع العراقي في الزمن السابق، ويشهد في الزمن الحالي سلوكا يكاد أن يكون عاما أو شائعا يتسم بالمبالغة والتطرف في ردود الأفعال لفظا أو عملا، وهو ما يمكن وصفه بـ "الفرطنة" مصطلح وإن لم يشع استخدامه في الأدبيات النفسية الا أنه يشير إلى حالة الإفراط في التأييد أو الذم، والتذبذب الحاد بين مواقف القبول والرفض، أو بمعنى آخر الانتقال السريع للأفراد بين أقصى اليمين وأقصى اليسار دون الوقوف عند الوسط المألوف لنسب ليست قليلة من الأبناء، وفي أحيان كذلك ليست قليلة.

حركات وإيماءات يمينًا (مواقف) تتخذ دون تفكير عميق أو تريث. وهو سلوك ينم عن اعتداد مفرط بالنفس، وميل لخداعها تشكل نتيجة التعامل الخطأ مع الانسان والمجتمع العراقي من قبل القيادات السياسية والحزبية للزمن السابق تجلى آنذاك في عبارات وأهازيج لا تعبر عن حقيقة قائليها ولا عن اتجاهاتهم وميولهم الفعلية، مثل "إحنا عد عيناك – وكلنا فداك...الخ)، تصاحبها في غالب الأحيان تصرفات استعراضية نابعة من ميل للحكم القطعي على الأشخاص والمواقف، إما أبيض أو أسود، مع غياب القدرة على فهم التعقيدات الرمادية التي تُميز الواقع. ومع تغير الزمن، استمر هذا السلوك بصياغات جديدة تعكس نفس المعنى على الرغم من تغير شكل السلطة ومقادير قسوتها، وهو سلوك في الاجمال يفتقر إلى الأصالة العراقية يسهم في تضخم أنا القائد والسياسي والحاكم، ويدفع المجتمع تدريجيًا إلى حافات الشعور بالدونية، ويضر بنظرة الانسان والمجتمع إلى الدولة. 

أما معالجة هذا السلوك الخطأ "الفرطنة" فإن أمرها ليس سهلًا لأنه يتطلب وعيًا اجتماعيًا أعمق وتفكيرًا نقديًا قادرًا على كسر حواجز التطرف العاطفي والفكري، ويتطلب جهدًا لوضع أسس أكثر توازنًا لبناء مجتمع يقوم على التعددية، بعيدًا عن فرض الأيديولوجيات أو تبني توجهات الرأي الواحد."