الرئاسات تدعو لوحدة الصفِّ الوطني بمواجهة التحديات

الثانية والثالثة 2025/01/05
...

 بغداد: الصباح

أحيا العراق أمس السبت، الذكرى السنوية لاستشهاد المرجع الديني السيد محمد باقر الحكيم الذي ارتقى بتفجير إرهابي في النجف الأشرف، وشدد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد خلال كلمة له على الالتزام بعدم السماح باستخدام أراضي العراق منطلقاً للعدوان على أي من جيرانه، في وقت بيّن فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن هناك من حاول ربطَ التغييرِ في سوريا، بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق، عادّاً أنه "أمرٌ لا مجال لمناقشته".

مشاركة رئيس الجمهورية

وأقام مكتب رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم حفلاً تأبينياً بمناسبة ذكرى استشهاد المرجع الديني السيد محمد باقر الحكيم، وقال رئيس الجمهورية في كلمة خلال الحفل: إنه "نستعيد في هذا اليوم ذكرى مؤلمة لنا جميعاً، وهي استشهاد سماحة المرجع الديني السيد محمد باقر الحكيم، قُدّس سرُّه الشريف، وهو يوم فقدنا فيه مناضلاً ومجاهداً كرّس حياته وعمله من أجل حرية العراق وإقامة دولته العادلة، دولة الحريات والديمقراطية".

وأضاف، "لقد كان دورُه، رحمه الله، أثناء مقارعة الدكتاتورية والطغيان دوراً مشهوداً من أجل توحيد جهود وإمكانات المعارضة الوطنية العراقية في تلك السنوات، وبعد ذلك كان دوره نبيلاً للعمل على وحدة العراقيين بمختلف مكوناتهم وأطيافهم ومذاهبهم في مسار بناء الدولة الديمقراطية الاتحادية".

ولفت، إلى أنه "كان فقدانه خسارة كبيرة، وعزاؤنا في ذلك هو مواصلة العمل من أجل القيم التي ضحى من أجلها السيد الشهيد وعموم شهداء الحرية، قيم الحق والعدل والمساواة والسلام"، مشيراً إلى أن "هذه قيم العراق الديمقراطي الذي واجه الكثير من التحديات والصعوبات حتى تجاوزنا الكثير وترسخت مبادئ الدولة، وتضافرت الجهود في عملية البناء وفي دحر الإرهاب والتطرف وترصين السلم المجتمعي".وقال رئيس الجمهورية: "لقد حققنا الكثير في هذا المسار، وما زال أمامنا الكثير خصوصاً في هذه الظروف الإقليمية التي تهدد جميع دول المنطقة والتي نحرص على أن نتجاوز آثارها من خلال الحوار والتفاهم والمضي في سياسة مقاومة الإرهاب وتوحيد جهود الجميع لصالح الأمن والسلام والبناء والتقدم الذي يعيد للمنطقة أمنها وسلامها وطموح شعوبها إلى حياة حرة وكريمة".

وأوضح، أن "هذا المسعى الذي تعمل من أجله الحكومة العراقية ومعها قوى الشعب بمختلف مكوناته وأطيافه يتطلب منا عملاً حثيثاً لتعزيز وحدة العراقيين وتغليب المصالح الوطنية العليا، وتحقيق مطالب الشعب في العدالة الاجتماعية وإتمام عملية تقديم الخدمات في جميع المجالات والحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد بكل أشكاله ومن أي جهة كانت".

وبين رشيد، أنه "لا ينبغي التهوين من المخاطر ولكن في الوقت نفسه كلنا ثقة بإرادة العراقيين ووحدتهم في مواجهة التحديات، من أجل عراق حر ومستقل وعزيز ملتزم بعدم الاعتداء على الآخرين ويسعى لصالح تكريس مبادئ الحوار وحفظ الحقوق العادلة للجميع خصوصاً للأخوة في فلسطين الذين ندعم حقهم في حياة آمنة وفي دولتهم المستقلة".

وأكد رئيس الجمهورية، "حرصه على تجاوز الشعب السوري الشقيق الظروف الصعبة، من خلال دعمه لإعادة بناء دولته المستقلة ضمن نهج الديمقراطية العادلة الحافظة لحقوق جميع مكونات الشعب السوري"، مردفاً أنه "في هذا المسار نؤكد أيضاً وقوفنا ودعمنا للشعب اللبناني الشقيق ليتجاوز هذه الظروف، ونواصل دعمنا بما يساعد على تخفيف آثار المحنة على حياة اللبنانيين، مؤكدين أهمية توطيد وحدة الشعب في لبنان وحقه في حياة آمنة ومستقرة وإعادة بناء المدن والقرى والمؤسسات التي تضررت في الحرب".وتابع: "لقد ودعنا عاماً كان على المستوى الإقليمي عاماً لكوارث الحروب، وهذا ما يحتاج منا في المنطقة عملاً وجهوداً كبيرة تساعد على تجاوز المرحلة، ويتطلب أيضاً دعماً دولياً حقيقياً للانتهاء من هذا الوضع الشاذ، وبعد ذلك لدعم الشعوب الشقيقة في فلسطين ولبنان وسوريا".

واختتم رشيد كلمته بالقول: إنه "في إطار هذا العمل الذي نأمله من المجتمع الدولي نؤكد أهمية ترسيخ وحدتنا في العراق وستراتيجية بلدنا القائمة على صيانة استقلال العراق ووحدته وأمنه وسلامته، وملتزمون بعدم السماح باستخدام أراضيه منطلقاً للعدوان على أيٍّ من جيرانه".


حديث السوداني

من جانبه، قال رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في كلمته خلال الحفل التأبيني للذكرى السنوية لاستشهاد السيد الحكيم: "نستذكر شخصية السيد محمد باقر الحكيم، بوصفه رمزاً وطنياً وجهادياً ودينياً لعموم العراقيين، نشأ في بيت المرجعية الشريفة، ونهل العلم والمعرفة منها"، مشيراً إلى "مؤلفاته القيمة وإرثه الفكري، وقيادته للحركة الإسلامية الرافضة للدكتاتورية، حيث حمل بمعيّة كل المجاهدينَ، همَّ الوطن والشعب، ووقف بكل بسالة ضد النظام الوحشي، من منطلقاتٍ وطنية وحدوية، وكان يرددُ دوماً بأنَّ العراق لجميع أبنائه".

وأكد رئيس الوزراء، أن "العراق نال حريته بفضل تضحيات الشهداء، وفي مقدمتهم السيدُ الحكيم، لتسقطَ الدكتاتوريةُ بصبر العراقيين وبسالتهم ورفضهم للظلم"، لافتاً إلى أنّ "الاحتفاءَ بذكرى الشهيد الحكيم، يتزامنُ مع ذكرى شهادة قادة النصر ورفاقهما، تلك الحادثة الأليمة التي استهدفت رمزين من رموز الحرب ضد أسوأ تنظيمٍ إرهابي".

وتابع، أن "أعداء العراق حملوا مشاريعَ تمزيقيةً وطائفية، فاستهدفوا هذه القامةَ الكبيرةَ ومعه المئاتُ من المصلين عند حرم أميرِ المؤمنين (عليه السلام)، وشهدت منطقتُنا، منذُ أكثرَ من سنة، تطورات مفصلية نتجت عنها تغيرات سياسية مؤثرة"، مؤكداً أنه "حرصنا منذ بدء الأحداث في سوريا، على النأي بالعراق عن الانحياز لجهة أو جماعة، وترك الخيار للسوريين ليقرروا مصيرهم، وهناك من حاول ربطَ التغييرِ في سوريا، بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق، وهو أمرٌ لا مجال لمناقشته".

وبين السوداني، أننا "نمتلك نظاماً ديمقراطياً تعددياً يضمُّ الجميع، ويضمن التداول السلميَّ للسلطة، ويسمح بالإصلاح وتصحيح الخلل تحت سقف الدستورِ والقانون، وليس من حقِّ أحد أن يفرض علينا التغيير والإصلاحَ في أي ملف، اقتصادياً كان أم أمنياً، مع إقرارنا بوجود حاجة لعملية الإصلاح في مختلف المفاصل"، مردفاً أنه "لا بدَّ أنْ نراجعَ ما أُنجزَ وما تأخرنا فيه، والإنجازاتِ هي أكبرُ وأكثر، لأننا أسسنا لنظامٍ سياسي مستندٍ إلى دستورٍ يمثل كل العراقيين".

ونوّه، بأن "الحكومة حرصت على وضع أولويات في البرنامجِ الحكومي، حققنا فيها تقدماً مهماً كشفت عنه مؤشراتُ وخلاصةُ أداءِ الحكومة خلالَ سنتين"، مستدركاً أن "نسبةُ الإنجاز في البرنامج الحكومي وصلت إلى أكثرَ من 60 بالمئة، وأنجزنا إصلاحاتٍ هيكليةً إداريةً واقتصادية".وأوضح، أننا "أكملنا العديد من الاستحقاقاتِ المهمة، مثلَ إجراء انتخاباتِ مجالس المحافظات، والتعداد السكاني، وتنظيم العلاقةِ مع التحالف الدولي، وتأطير علاقة جديدة مع بعثة الأممِ المتحدة"، مردفاً أن "الاستحقاقات من إصرار حكومتنا على إكمال جميع متطلبات الانتقال نحو السيادة الكاملة، والتخلص من أي قيود موروثةٍ تقيِّد حركة العراق دولياً". وأكمل رئيس الوزراء، أن "حكومتنا تواصل إصلاح المؤسسات الأمنية، عبر لجنة عليا تشكلت برئاستنا، وضعت خارطةَ طريق لتحقيق هذا الإصلاح الذي يتكاملُ والإصلاح الاقتصادي والإداري الذي نقومُ به، وحرصتْ على إعادة بناء علاقات العراق مع جميع الدول، وفق مبدأ (الدبلوماسية المنتجة)، والانطلاق بشراكات اقتصادية وتنموية تجعلُ من العراق نقطة التقاء للمصالح، وليس بؤرة صراع وتصادم".

وأشار، إلى أننا "عملنا على تجنيبِ العراق أنْ يكون ساحةً للحرب خلال الأشهر الماضية، وبذلنا جهوداً بالتشاور مع الأشقاء والأصدقاء، وبدعم متواصل من القوى السياسية الوطنية للحكومة في هذا المسار"، منوهاُ بأننا "أكدنا أكثر من مرةٍ على استعدادنا للمساعدة في رفع معاناة أهل غزّة، وهو نفسُ موقفنا مما تعرض له لبنان من حرب مدمرة".

ودعا السوداني، "العالم لإعادة النظر في قوانينه التي باتت غيرَ قادرةٍ على منع العدوان والظلم، وأنْ يسارع لمساعدة المدنيين في غزّةَ ولبنان، الذين يعيشون في ظروفٍ قاسية"، مجدداً التأكيد على "تغليب المصالح العليا للعراق، وترسيخ الوحدة والتكاتف بين أبناء بلدنا لمواجهة التحديات، والمضيّ باستكمال مسيرة بناء الدولة".

رئيس البرلمان

أما رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، فشدد في كلمة له خلال حضوره وقائع الحفل التأبيني بمناسبة ذكرى استشهاد السيد الحكيم، على أهمية وحدة الصف الوطني، داعياً إلى تجاوز الأخطاء بعد تشخيصها والابتعاد عن عقلية المعارضة التي تعيق بناء الدولة.

وقال المشهداني: "لو أن النظام السوري تصالح مع المعارضة لكان له شأن آخر، ولكنهم تقاعسوا ولهذا ينبغي أن نغادر عقلية المعارضة إذا أردنا بناء دولة قوية ومستقرة". وأضاف، "لا تزال بعض القيادات تتعامل بعقلية المعارضة وهذا يعدُّ تهديماً وليس بناء. علينا أن نركز على وحدة الصف لأنها أهم من أي ملف آخر، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الرضا وتشخيص المشكلات ومعالجتها" .وأشار المشهداني، إلى أن "ورقة التسوية تعدُّ واحدة من الأدوات المهمة التي يمكن أن تساعدنا في مراجعة الأخطاء وتحقيق وحدة الصف الوطني".


كلمة الحكيم

رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، قال في كلمته خلال الحفل التأبيني: إننا "نجتمع في الأول من رجب في كل عام، لنحيي ذكرى (يوم الشهيد العراقي)، هذه المناسبة الكبيرة التي نستذكر فيها تضحيات شهدائنا الأبرار الذين خطّوا بدمائهم الطاهرة مسيرة العراق نحو الحرية والعزة والكرامة".

وأضاف، أنه "في ظل ما نعيشه اليوم من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، أحوج ما نكون إلى استلهام دروس الشهادة والتضحية، فقد مرَّ العراق بمراحل صعبة، لكنه استطاع أن ينهض بفضل الله تعالى ومرجعياته الدينية وحكمة قياداته السياسية وإرادة شعبه وصمود رجاله، وإيمانهم العميق بوحدة هذا الوطن". وتابع، أن "العراق لا يمكن أن يستقر إلا بتعزيز الوحدة الوطنية، ونحن بحاجة إلى تعزيز الثقة بين أبناء الشعب من جهة ، وبين الشعب ومؤسسات الدولة من جهة أخرى، وهذا يتطلب منا جميعاً العمل بروح الفريق الواحد، وتقديم المصلحة العامة على المصالح الثانوية الضيقة".

وأكمل، أن "بناء دولة قوية ومقتدرة يتطلب حصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز سيادة القانون، ومكافحة الفساد المالي والإداري والإصلاح الاقتصادي، وأي تهاون في هذا الجانب سيؤدي إلى إضعاف الدولة وتفاقم الأزمات"، مبيناً أنه "علينا العمل على تقوية مؤسساتنا، وتحقيق العدالة، وضمان التوزيع العادل للثروات بين جميع المحافظات". وأردف السيد الحكيم، أن "العراق يقع في قلب المنطقة، فلا يمكن أن يكون بمعزل عن التحديات الإقليمية والدولية، وعلينا أن ننتهج سياسة متوازنة تضع مصلحة العراق أولاً، وتجعله جسراً للتواصل بين الدول، وليس ساحة للصراعات"، مجدداً موقف العراق الثابت تجاه القضية الفلسطينية، التي كانت وستظل قضية العرب والمسلمين المركزية". وبيّن، أن "العراق يقف إلى جانب الشعب اللبناني، ويدعم وحدته الوطنية واستقراره، ويؤمن بضرورة التعاون العربي لمساندته في تجاوز أزماته، و استقرار لبنان جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة"، لافتاً إلى أننا "نوجه أنظارنا إلى سوريا، التي تشهد مرحلة جديدة، انطلاقاً من إيماننا بعمق العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين العراقي والسوري، ونتطلع إلى أن تكون هذه المرحلة بداية لتعزيز الاستقرار فيها، ونؤمن بأهمية تعزيز العلاقات مع دول المنطقة والعالم على أساس التعاون والاحترام المتبادل". واستطرد بالقول: "احترام سيادة العراق هو احترام لتضحيات أبنائه الذين واجهوا كل التحديات لبناء وطن حر ومستقل، والتعامل مع العراق كدولة مستقلة، ذات سيادة وقرار مستقل، ليس خياراً بل ضرورة تفرضها تضحيات شعبنا"، داعياً إلى "إطلاق مبادرة لحوار إقليمي شامل، تهدف إلى وضع مسارات دائمة للتفاهم والتعاون بين دول المنطقة، هذه المبادرة تأتي انطلاقاً من إيماننا العميق بأهمية الحوار وسيلة لتحقيق السلام والاستقرار، وتأسيس مركز إقليمي لمكافحة الإرهاب، يكون مقره في بغداد، ويعمل على تبادل المعلومات وتعزيز القدرات الأمنية للدول المشاركة ".

وأكد السيد الحكيم، أننا "نقف مع الحكومة في تنفيذ برامجها وخططها التي تهدف إلى تحسين حياة المواطنين، وتوفير الخدمات الأساسية، وتعزيز دور العراق إقليمياً ودولياً، من أجل تحقيق حلم الشهداء بعراق موحَّد، قوي، مستقل، مستقر ومزدهر، ودماؤهم أمانة في أعناقنا، ومسؤوليتنا أن نحافظ على إرثهم ونمضي بمشروعهم نحو 

المستقبل".